نبضات وآراءنبضاتهم

الهدنة المنتظرة

مقال لـ عمرو الشوبكي

انتظر الكثيرون الهدنة بين إسرائيل وحماس أكثر من مرة، خاصة أن هذه الحرب لم تعد كما كانت العام الماضي، بين جيش نظامي مدجج بالسلاح والتكنولوجيا وتنظيم مقاوم مسلح، إنما أصبحت حرب إبادة مكتملة الأركان، لأن إسرائيل لم تعد تحقق أي تقدم عسكري على الأرض بعد أن نجحت فى إنهاء شبه كامل لقدرات حماس العسكرية واستهدفت تقريبًا كل قادتها العسكريين وكثير من قادتها السياسيين وصارت الحرب من أجل القتل وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.

ومع الترتيبات الجديدة للمنطقة وبعد أن «سكنت» الحروب فى أكثر من مكان وأبرزها الساحة الإيرانية الإسرائيلية، بجانب لبنان والعراق واليمن، فبات من الطبيعي أن تتوقف حرب غزة لكيلا تنفصل عن الساحات الأخرى وفق التصور الأمريكي.

وقد أعلنت حماس، أمس الأول، موافقتها على المقترح الأمريكي بالتوقيع على هدنة تمتد إلى 60 يومًا ستتم خلالها عملية تبادل للأسرى على خمس مراحل وتجري أثناءها مفاوضات إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار.

وقد نص المقترح الأمريكي على: الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء و15 جثة، وسيتم إطلاق الإسرائيليين الأموات على 3 دفعات منفصلة خلال فترة الـ60 يومًا، وأن تجرى عمليات تبادل الأسرى من دون احتفالات. بالمقابل، سيتم الإفراج عما لا يقل عن 1000 أسير فلسطيني، بينهم أكثر من 100 محكومين بالمؤبد.

ونص الاقتراح على دخول عشرات آلاف الشاحنات المحمّلة بالمساعدات إلى غزة خلال فترة وقف إطلاق النار، فيما أعلنت إسرائيل تمسكها بالسيطرة على مراكز توزيع المساعدات فى جنوب القطاع.

وحسب بنود المقترح سينسحب الجيش الإسرائيلي من مناطق فى شمال غزة، حسب خرائط يتم التوافق عليها، كما ستتم عملية انسحاب من مناطق فى جنوب غزة فى اليوم السابع لوقف إطلاق النار، وستعمل فرق فنية على رسم حدود الانسحابات خلال مفاوضات سريعة يفترض أن تبدأ فورًا فى الدوحة. وقد بدت المفارقة أن حماس هي التي طلبت من الولايات المتحدة أن تكون ضامنة لالتزام إسرائيل بوقف الحرب بعد انتهاء مدة الـ 60 يومًا، وهو الأمر الذى لم تعلن حتى اللحظة تل أبيب موافقتها عليه.

لقد اضطرت حماس إلى قبول هدنة تعرف أنها لو تحولت إلى وقف نهائي لإطلاق النار فإنها ستعنى انسحابها من المشهد السياسي والعسكري ونهاية ولو مؤقته لمشروعها، وأنه لو عادت السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة أو تم التوافق على شخصيات مستقلة لإدارة القطاع فإن هناك توافقا دوليا وإقليميا وعربيا على استبعاد حماس من اليوم التالي لإدارة قطاع غزة.

إذا أوصلت هذه الهدنة الشعب الفلسطيني إلى طريق إنهاء الحرب، فإنه مهما كانت قسوة الشروط التي ستضعها على القطاع وأهله فيكفيها أنها ستوقف المحرقة وجرائم الإبادة، وهذا فى حد ذاته أمر عظيم.

المصدر: المصري اليوم

تنويه: المقالات المنشورة في تبويب “نبضاتهم” تمثل رأي كتّابها فقط وليس بالضرورة رأي موقع “نبض الشام”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى