خارج الصندوقخفايا وكواليسهيدلاينز

ما وراء التصعيد الأوروبي ضد إسرائيل؟

خاص – نبض الشام

تشهد العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وحكومة بنيامين نتنياهو مرحلة من التوتر المتصاعد نتيجة للعمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وتبرز مواقف أوروبية متقدمة تُدين بشدة السياسات الإسرائيلية، وسط دعوات لاتخاذ إجراءات ملموسة إذا لم تتوقف الانتهاكات، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات الأوروبية-الإسرائيلية.

نقطة اشتعال الخلاف
يُعد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية من أبرز النقاط الخلافية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، إذ تعتبر الدول الأوروبية هذه المستوطنات غير شرعية وفقًا للقانون الدولي، وتؤكد أن استمرار البناء الاستيطاني يُقوّض فرص تحقيق حل الدولتين، وقد عبّرت العديد من الدول الأوروبية عن بالغ قلقها من تصاعد هذا النشاط، وطالبت بوقف فوري لكافة الأنشطة المرتبطة به.

في هذا السياق، شدد بيان أوروبي مشترك على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مؤكّداً أن الاستيطان يعرقل أي مسار تفاوضي حقيقي ويُعمق الأزمة الإنسانية والسياسية في المنطقة.

غزة والأزمة
الوضع الإنساني في قطاع غزة بات نقطة مركزية في المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل، ويدعو الاتحاد الأوروبي إلى رفع الحصار المفروض على القطاع، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل. وقد وجّهت دول أوروبية انتقادات شديدة اللهجة للعمليات العسكرية الإسرائيلية، مشيرة إلى ضرورة حماية المدنيين ووقف الاستهداف العشوائي.

في بيان مشترك صدر في 19 مايو 2025، لوّح قادة فرنسا وبريطانيا وكندا باتخاذ إجراءات عقابية إذا لم توقف إسرائيل هجومها الجديد على غزة، وأشار البيان إلى أن حجم المعاناة الإنسانية في القطاع أصبح لا يُطاق، مع التأكيد على دعم الجهود الدولية لوقف إطلاق النار.

احتمالات متعددة
مع تصاعد الانتهاكات، يدرس الاتحاد الأوروبي إمكانية اتخاذ خطوات ملموسة، من بينها فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل أو تعليق اتفاقيات الشراكة الموقعة منذ عام 2000. وقد دعا جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد، إلى إعادة النظر في هذه الاتفاقيات، استنادًا إلى الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي.

تزامن ذلك مع ضغوط داخلية في إسرائيل، تمثلت في استقالات وإقالات داخل الحكومة، بما في ذلك إقالة وزير الدفاع، ما يُظهر حجم الأزمة السياسية التي تواجهها حكومة نتنياهو.

حل الدولتين؟
رغم تباين المواقف الأوروبية، إلا أن هناك إجماعاً واسعاً على ضرورة إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين، كما تتزايد الدعوات لمحاسبة إسرائيل دولياً، بما في ذلك مقترحات بتعليق صادرات الأسلحة من دول مثل هولندا وبلجيكا واليابان، نتيجة مخاوف من استخدامها في انتهاكات حقوق الإنسان.

في هذا الإطار، أكد القادة الأوروبيون التزامهم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، والعمل مع الشركاء الدوليين من أجل إحلال السلام، وإنهاء سياسة الضم والتهجير القسري.

لحظة فارقة
يمثل التوتر الراهن بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لحظة فارقة قد تسهم في إعادة تشكيل ملامح الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فمع تصاعد الضغوط الأوروبية، تواجه حكومة نتنياهو تحديات متنامية داخلياً وخارجياً، قد تُسرع من خطوات التغيير السياسي، كما أن التحركات الأوروبية تهدف إلى إرساء السلام، وتهيئة الأجواء لعقد مؤتمر دولي مرتقب في حزيران المقبل، يُنتظر منه أن يُعيد إحياء المسار السياسي نحو تحقيق حل الدولتين، والاستجابة للمعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى