
في عالم كرة القدم، هناك مواجهات تتجاوز كونها مجرد مباريات، إنها صدامات فلسفية، معارك على الهيبة، وفصول تُكتب في تاريخ اللعبة، والمواجهة بين ريال مدريد وباريس سان جيرمان تندرج بقوة تحت هذا التصنيف، على أحد طرفي الحلبة يقف ريال مدريد، النادي الملكي المتوّج بلقب سيد أوروبا، بتاريخ يفيض بالأمجاد وكبرياء لا يهتز، يتعامل مع دوري الأبطال كأنه حديقته الخلفية التي يعرف كل زواياها.
وعلى الطرف الآخر، يقف باريس سان جيرمان، المشروع الطموح المدجج بالأموال والنجوم، والبطل الحالي للكأس ذات الأذنين وكلاهما يبحث عن تذكرة نهائي كأس العالم للأندية هذا التباين الحاد في الهوية والتاريخ هو ما يجعل الصدام بينهما أشبه بملحمة كروية. ورغم أن سجلات التاريخ وخبرة النهائيات ترجح كفة “الميرنغي” دائما على الورق، إلا أن القلق يتسلل إلى أروقة مدريد في كل مرة يلوح فيها شبح الفريق الباريسي في الأفق.
فالواقع يقول إن باريس سان جيرمان، في سعيه المحموم نحو المجد، قد تحول إلى وحش كاسر يمتلك أسلحة فتاكة قادرة على تفكيك أي حصن دفاعي في ليلة واحدة، فما تلك الجوانب التي تحول ثقة مدريد إلى حذر، وتجعل من باريس سان جيرمان مصدر رعب حقيقي؟
1- مستوى ديمبيلي المتفجر
يعيش عثمان ديمبيلي واحدا من أفضل مواسمه على الإطلاق، حيث تحول إلى الرئة التي يتنفس بها هجوم باريس سان جيرمان؛ ما يرعب ريال مدريد في ديمبيلي ليس فقط قدرته على المراوغة بسرعته الفائقة، بل نضجه التكتيكي وقدرته على صناعة اللعب وخلق فرص من العدم.
سيشكل ديمبيلي كابوسا لدفاعات مدريد، التي ستحتاج إلى تركيز مضاعف للحد من خطورته، وأي مساحة تُترك له قد تكلف الفريق هدفا محققا.
2- قوة الأظهرة: حكيمي ومينديز
يمتلك باريس سان جيرمان سلاحا فتاكا على الأطراف بوجود الثنائي أشرف حكيمي ونونو مينديز، وما يجعل هذا الثنائي مرعبا هو تكاملهما؛ فهما لا يقدمان فقط صلابة دفاعية أثبتت تفوقها أمام أجنحة من الطراز الرفيع، بل يمثلان قوة هجومية ضاربة، سرعة حكيمي وقدرته على التوغل من اليمين، وقوة مينديز البدنية وانطلاقاته من اليسار، ستجبر أجنحة ريال مدريد، على أداء أدوار دفاعية مستمرة، مما قد يحد من خطورتهما الهجومية ويرهقهما بدنيا طوال المباراة.
3- هفوات الدفاع الفردية
أحد أكبر مخاوف ريال مدريد يكمن في دفاعه، على الرغم من صلابة المنظومة في معظم الأوقات، إلا أن الفريق عانى في مباريات حاسمة من أخطاء فردية كلفته أهدافا سهلة خطأ بسيط في التمركز من لاعب مثل أنطونيو روديغر، المعروف باندفاعه البدني القوي الذي قد يتحول أحيانا إلى تهور، يمكن أن يمنح مهاجمي باريس السريعين فرصة لا تعوض.
وغياب هويسن في المباراة بسبب طرده الذي كان يمكن تفاديه في المباراة الأخيرة يضيف لتلك المتاعب، وفي مواجهة خصم لا يرحم مثل باريس، فإن خطأ فرديا واحدا قد يعني توديع البطولة.
4- معركة خط الوسط
لطالما كان خط وسط ريال مدريد هو مصدر قوته وأمانه، لكن باريس سان جيرمان يمتلك الآن منظومة وسط ملعب قادرة على فرض إيقاعها على أي خصم، بوجود لاعبين مثل فيتينيا، الذي يقدم مستويات مذهلة في التحكم بالكرة والربط بين الخطوط، وجواو نيفيز بطاقته البدنية الهائلة ولاعب آخر مثل فابيان رويس، فإن معركة السيطرة على وسط الملعب ستكون شرسة ومُنهكة، خسارة هذه المعركة تعني عزل هجوم ريال مدريد وفتح الباب أمام هجوم باريس لشن غارات متتالية.
5- الدافع النفسي ورغبة الانتقام
العامل النفسي قد يكون السلاح الأكثر رعبا، باريس سان جيرمان يدخل أي مواجهة ضد ريال مدريد وهو يحمل على عاتقه ندوب إقصاءات سابقة ورغبة هائلة في الانتقام ورد الاعتبار، هذا الدافع النفسي يحول الفريق إلى خصم لا يمكن التنبؤ به، يلعب بشراسة وروح قتالية مضاعفة.