خارج الصندوقسياسيات متناقضةهيدلاينز

رسائل متضاربة.. هل يُقنع إيلون ماسك الناخب الأمريكي؟

خاص – نبض الشام

في تطوّر أثار ضجة واسعة في أوساط السياسة الأمريكية، أعلن الملياردير إيلون ماسك عن تأسيس حزب جديد تحت اسم “حزب أمريكا”، في خطوة وصفها مراقبون بأنها مليئة بالتناقضات، خاصة في ظل علاقته المتأرجحة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يمثل أحد أبرز رموز الحزب الجمهوري.
الإعلان فتح الباب لجدل واسع حول دوافع ماسك الحقيقية، وما إذا كان هذا التحرك نتيجة قناعة سياسية، أم مجرد رد فعل على خلافات شخصية مع قيادات سياسية لم يعد يثق بها.

من الوفاق إلى القطيعة
لم يكن إيلون ماسك يوماً بعيداً عن مراكز القرار السياسي، خصوصاً في ظل ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فقد جمعت بين الرجلين مصالح مشتركة، منها تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود على الشركات. لكن هذا التحالف لم يصمد طويلًا، فمع تصاعد انتقادات ماسك للإنفاق الفيدرالي، والسياسات الاقتصادية للجمهوريين، بدأ الجفاء يسود علاقته بترامب.

ما زاد من حدة الانفصال السياسي هو مواقف ماسك من قضايا مثل الإجهاض، والهجرة، والتنظيم الحكومي، والتي باتت تتعارض مع القاعدة الجمهورية المحافظة. وأدى ذلك إلى انسحابه من لجان استشارية، وتوجيهه انتقادات مباشرة للبيت الأبيض، رغم كونه المستفيد الأول من العقود الفيدرالية التي تُموّل مشاريعه.

لماذا حزب جديد الآن؟
السؤال الذي يطرحه كثيرون: ما الدافع الحقيقي وراء إعلان ماسك عن “حزب أمريكا”؟ وفق تصريحات الرجل، فإن الحزب يستهدف “الوسط الصامت”، أي أولئك الذين لا يشعرون بالتمثيل من الحزبين الكبيرين. لكن محللين يرون أن السبب يعود إلى شعور ماسك بالتهميش داخل النخبة الجمهورية، خاصة بعد فتور علاقته بترامب، وغياب التأثير السياسي المباشر في صنع القرار.

فبدل أن يكون مجرّد داعم مالي لحزب قائم، قرر خوض اللعبة من الباب الواسع، مُراهناً على قوته المالية، وانتشاره الإعلامي، لتأسيس كيان سياسي جديد يحمل اسمه وأفكاره، حتى لو افتقر إلى البنية الشعبية والتنظيمية اللازمة.

التناقض في قلب المشروع
من أبرز التحديات التي تواجه “حزب أمريكا” هي التناقضات الواضحة في خطاب ماسك السياسي. فهو يدعو إلى تقليص دور الدولة، بينما تعتمد شركاته على مليارات من الدعم الحكومي. كما يُهاجم النخبة السياسية، في الوقت الذي يسعى إلى الانضمام إليها من خلال تأسيس حزب.

هذه التناقضات تُفقد المشروع مصداقيته، خاصة أمام الناخبين الذين يراقبون بدقة خلفيات المرشحين وتمويلاتهم. وبدون خطاب متماسك، يصعب بناء قاعدة انتخابية تؤمن حقًا بالتغيير.

رغم أن ماسك يمتلك ثروة ضخمة تتيح له خوض حملات انتخابية ضخمة، إلا أن النظام السياسي الأمريكي لا يُكافئ المال فقط. فالقواعد الصارمة، وشبكات النفوذ المتجذرة، والعوائق القانونية، تجعل من مهمة تأسيس حزب ثالث مهمة شبه مستحيلة، كما أظهرت تجارب روس بيرو ورالف نادر سابقا.

بين الطموح والواقع
إعلان ماسك عن تأسيس “حزب أمريكا” يعكس طموحا كبيرا، لكنه يصطدم بواقع سياسي معقد، ومشهد انتخابي لا يرحم المغامرين. وبين خلافه مع ترامب، وتناقض خطابه الاقتصادي، وتحديات بناء حزب من الصفر، يبدو أن الطريق أمام ماسك محفوف بالعقبات.

ويبقى السؤال قائما: هل يكون “حزب أمريكا” مجرد فورة سياسية جديدة سرعان ما تخبو؟ أم أن مليارات ماسك ستنجح أخيرا في زعزعة ثنائية الحمار والفيل التي هيمنت لعقود على السياسة الأمريكية؟

متابعة أسرة تحرير نبض الشام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى