ترجمات نبضتقاريرنبض الساعةهيدلاينز

ترامب والطاقة النووية: فرصة تاريخية لقيادة ثورة نظيفة

ترجمة – نبض الشام

في وقت تتفاقم فيه أزمات المناخ حول العالم، تلوح في الأفق فرصة ذهبية يمكن أن تشكل نقطة تحوّل في مشهد الطاقة العالمي: نهضة نووية تقودها الولايات المتحدة. ومع السياسات المناسبة، يستطيع الرئيس دونالد ترامب أن يجعل من هذه النهضة إرثاً تاريخياً. فدعم الحزب الجمهوري للطاقة النووية يتزايد، والعقبات التنظيمية بدأت تتراجع، والمجتمع الدولي يعيد حساباته. لكن النجاح يعتمد على التوازن بين تسريع التطوير والحفاظ على معايير السلامة، إلى جانب دعم الكونغرس للبرامج الحيوية.

وسط عاصفة الأخبار السيئة المتعلقة بالمناخ، يلوح بصيص أمل: إذ بدأت الرياح تهب لصالح ثورة في مجال الطاقة النووية، والولايات المتحدة في موقع جيد لقيادة هذه الثورة (إذا سمح الرئيس دونالد ترامب بحدوثها) .

الفرصة النووية تطرق الباب
لقد عاد الدعم الأمريكي للطاقة النووية إلى حد كبير، والذي كان قد تراجع بشدة بعد كارثة فوكوشيما عام 2011 في اليابان. إذ يؤيد حوالي 61 بالمئة من الجمهوريين الآن هذه التقنية، وهو رقم يقترب من أعلى المستويات المسجلة، حتى العديد من الديمقراطيين باتوا يعتبرونها مصدراً أساسياً للطاقة النظيفة، ويرغبون في تسهيل بناء المفاعلات.

وفي هذا السياق، قالت حاكمة نيويورك كاثي هوكول (الديمقراطية) لصحيفة وول ستريت جورنال إنها تدعم هدف إدارة ترامب المتمثل في تبسيط عملية الحصول على التراخيص، مضيفةً: “لماذا يستغرق الأمر عقداً من الزمن؟ هذا هو السبب في أن أحداً لا يقدم على ذلك؛ فالمعوقات كبيرة جداً”.

كما بدأت المعارضة في الخارج تتراجع أيضاً في الشهر الماضي، إذ أعلن البنك الدولي عن إنهاء حظره الذي استمر لعقود على تمويل مشاريع الطاقة النووية، كما تخطط حكومة حزب العمال البريطاني لاستثمار مليارات الجنيهات في مشاريع نووية. وحتى ألمانيا، التي تخلّت عن الطاقة النووية في عام 2011 وأغلقت جميع محطاتها، بدأت في تغيير المسار: إذ باتت أغلبية السكان الآن تدعم الطاقة النووية، وتوصّل المسؤولون الألمان مؤخراً إلى اتفاق يقضي بإسقاط معارضتهم لتشريع أوروبي يعامل الطاقة النووية على قدم المساواة مع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

الولايات المتحدة في موقع القيادة
تُعد الطاقة النووية (التي لا تزال أكبر مصدر للطاقة غير الكربونية في العالم ) ضرورية لمكافحة تغيّر المناخ. فالمفاعلات النووية توفّر كميات هائلة من الكهرباء “المستمرة” التي تحتاجها الشبكة الكهربائية. وتُعد الولايات المتحدة أكبر منتج للطاقة النووية في العالم، لكن أسطولها من المفاعلات آخذ في الانكماش تدريجياً مع تقادم المحطات وخروجها من الخدمة. ومع ارتفاع الطلب على الكهرباء، بات من الضروري تطوير منشآت نووية جديدة.

ترامب يدفع نحو التوسّع النووي
لحسن الحظ، يرى ترامب نفسه نصيراً للطاقة النووية، والمطوّرون متحمسون للاستثمار في مشاريع نووية متقدّمة تعد بأن تكون أصغر حجماً وأكثر أماناً وتُنتج نفايات أقل من المفاعلات الضخمة في الماضي.

التهديد التنظيمي: الفعالية أم الخطر؟
في العام الماضي، أقرّ الكونغرس مشروع قانون بدعم من الحزبين يهدف إلى تسريع عملية المراجعة الطويلة التي تجريها اللجنة التنظيمية النووية (NRC)، وتسهيل تمكين المطورين من تكرار تصميمات المفاعلات التي أثبتت نجاحها. وقد بدأت اللجنة بالفعل في تبسيط عملية الموافقة؛ ففي العام الماضي، أصدرت تصريحاً بإنشاء مشروع نووي متقدم في ولاية تينيسي قبل الموعد المحدد بعدة أشهر.

كما يسعى ترامب إلى البناء على هذا الزخم. فقد أعلن البيت الأبيض مؤخراً عن أهداف طموحة لبناء عشرة مفاعلات بحلول عام 2030، ومضاعفة القدرة النووية الكلية للبلاد أربع مرات بحلول عام 2050. كما وقّع الرئيس ترامب على سلسلة من الأوامر التنفيذية لتسريع عملية مراجعة السلامة التي تجريها اللجنة التنظيمية النووية، وإعادة بناء سلسلة توريد الوقود النووي، ومساعدة الشركات الأميركية في تصدير تقنياتها إلى الخارج، وهو ما سيعزّز من مكانة هذه الصناعة.

لكن ثمة فرق بين الضغط على اللجنة التنظيمية النووية لتحسين كفاءتها (إذ قد يستغرق الأمر أكثر من عقد لإطلاق مشروع نووي) وبين تقويض استقلالية التنظيم النووي. فقد أقال ترامب المفوض في اللجنة التنظيمية النووية، كريستوفر هانسون، رغم وجود حماية قانونية تمنع عزله “من دون سبب وجيه”. كما وجّه الرئيس الوكالة للعمل مع “خدمة كفاءة الحكومة الأميركية” (U.S. DOGE Service)، أو وزارة كفاءة الحكومة، لإعادة هيكلة نفسها، وهو ما أثار مخاوف من احتمال تقليص أعداد الموظفين. كذلك أمر الوكالة بفرض جداول زمنية صارمة لتقييم تراخيص المشاريع، وإعادة النظر في نموذج تقييم المخاطر الذي تستخدمه في ما يتعلق بالتعرّض للإشعاع.

إن استقلالية هذه الوكالة تضمن أن يولي منظّموها الأولوية للسلامة على الأهداف السياسية. وهذا ما يحمي الجمهوريون من تصميمات المفاعلات المعيبة، ويساعد في ضمان دعم طويل الأمد للمشاريع النووية.

الكونغرس بين الدعم والعرقلة
هناك تهديد آخر يأتي من الكونغرس، فعلى مدى العقود القليلة الماضية، لم يُبْنَ معظم المشاريع التي حصلت على الموافقة التنظيمية بسبب ارتفاع التكاليف والمنافسة من الغاز الطبيعي الرخيص. ومع ذلك، يعمل الجمهوريون في الكونغرس على إلغاء الإعفاءات الضريبية المنصوص عليها في “قانون خفض التضخم” (Inflation Reduction Act)، والتي يمكن أن تساعد على إكمال هذه المشاريع. وقد دفع ذلك حاكم ولاية كارولاينا الجنوبية، الجمهوري هنري ماكماستر، إلى التحذير من أن هذه التغييرات قد تُفشل مشروعاً في ولايته.

كما يسعى الجمهوريون إلى إلغاء برنامج القروض التابع لوزارة الطاقة والمخصص لمشاريع الطاقة النظيفة، رغم أن النسخة المقترحة في مجلس الشيوخ تتضمن إنشاء برنامج قروض تحت مسمى “الهيمنة في مجال الطاقة” (energy dominance) لصالح المشاريع النووية.

القرار بيد الرئيس والكونغرس
بينما تمتلك الولايات المتحدة كل المقومات لقيادة نهضة نووية عالمية، فإن نجاح هذه المساعي يتوقف على قرارات الرئيس ترامب ودعم الكونغرس. الحفاظ على المعايير التنظيمية العالية، وتمويل المشاريع الحيوية، وتفادي التسييس، ستكون مفاتيح النجاح. وإلا، فقد تبقى الطاقة النووية المتقدمة “وعدًا مؤجلًا” لا يتحقق أبداً.

إذ ينبغي على ترامب أن يضغط على الكونغرس من أجل الحفاظ على البرامج النووية التي يمكن أن تساعد هذه الصناعة في دخول مرحلة جديدة، ويجب على الرئيس أن يضمن بقاء التنظيم النووي الأميركي على مستوى عالمي. وإلا، فقد تظل الطاقة النووية المتقدمة “طاقة المستقبل” إلى أجل غير مسمى.

“ترجمة أسرة نبض الشام”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى