خفايا القرار التنفيذي.. والتحول الأمريكي تجاه سوريا الجديدة

خاص – نبض الشام
في تطوّر لافت للموقف الأمريكي تجاه سوريا، أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس دونالد ترامب سيوقّع أمراً تنفيذياً اليوم يتضمّن دعم مسار سوريا نحو السلام، وفرض عقوبات على النظام السوري السابق بظل بشار الأسد، مع التوجّه نحو رفع العقوبات عن النظام الحالي بقيادة أحمد الشرع، هذا التحوّل في اللهجة والمضمون يعكس إعادة تموضع سياسية للولايات المتحدة تجاه الملف السوري، ويطرح تساؤلات عديدة حول الأهداف الحقيقية من وراء هذه الخطوة، وتوقيتها، ومقابل ماذا.
العقوبات على الماضي لا الحاضر
بعكس ما قد يظنه البعض للوهلة الأولى، فإن العقوبات التي يلوّح بها ترامب لا تستهدف النظام الحالي في دمشق، بل تعني بالدرجة الأولى نظام بشار الأسد، الذي تحمّله الإدارة الأمريكية مسؤولية سنوات من الحرب والدمار والملفات الحقوقية الثقيلة، الإعلان الجديد يفصل بشكل واضح بين النظام السابق والحكومة الحالية، في رسالة تحمل دلالات سياسية عميقة، مفادها أن من يحكم سوريا اليوم ليس بالضرورة امتدادا لمن كان يحكمها بالأمس.
رفع العقوبات مقابل التطبيع؟
في المقابل، عبّر ترامب بوضوح عن رغبة بلاده في رفع العقوبات تدريجيا عن سوريا تحت قيادة أحمد الشرع، شريطة التزام الحكومة الجديدة بمسار السلام والسلم الأهلي ومحاربة الإرهاب، واحترام الاستقرار في المنطقة، والتعاون مع دول الجوار، هذا النهج يفتح الباب أمام صفحة جديدة في العلاقات بين واشنطن ودمشق، قائمة على الواقعية السياسية، ومرتبطة بسلوك النظام الحالي، لا بماضي الدولة السورية.
من خلال متابعة التصريحات الأمريكية، يبدو أنّ الإدارة الحالية تلمّح إلى نوع من الصفقة غير المباشرة، سوريا المستقرة، بحسب رؤية ترامب، يجب أن تكون أيضا جزءا من خريطة جديدة للمنطقة، ربما تشمل تقاربا مع دول مجاورة، وتحديدا تلك التي شهدت خطوات تطبيع مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، السؤال المطروح هنا: هل يربط ترامب بين رفع العقوبات والتوجّه نحو علاقات سلمية في الإقليم؟ وهل يرى في ذلك ورقة ضغط قادرة على كسر عزلة دمشق؟
فرصة للشرع.. ضوء أخضر أمريكي؟
إن توجيه العقوبات نحو النظام السابق دون تحميل النظام الحالي المسؤولية، يخلق واقعا سياسيا جديدا، ويمنح حكومة الشرع فرصة لإعادة التموضع إقليميا ودوليا. كما يوجّه رسالة واضحة إلى القوى الدولية أن الشرعية ليست رهينة الماضي، وأن من يسلك طريق الاستقرار قد يجد نافذة انفتاح مع الغرب، في الوقت ذاته، تسعى واشنطن لضمان أن تكون عودة سوريا إلى المشهد الإقليمي مشروطة وغير مجانية.
خطوة ترامب اليوم تبدو مدروسة وموجّهة بدقّة، فرض العقوبات على نظام الأسد لا يعني معاقبة سوريا كدولة، بل يعني إغلاق صفحة سوداء من تاريخها، أما رفع العقوبات عن نظام أحمد الشرع، فهو عرض مشروط بإثبات حسن النية والجدية في بناء سلام داخلي وإقليمي، وفي هذا السياق، قد تكون سوريا على أعتاب تحول سياسي كبير، ترسمه أمريكا بأدوات مختلفة عن السابق، لكن بأهداف لا تزال مرتبطة بتوازن القوى والمصالح في الشرق الأوسط.
تساؤلات؟!
تصريحات البيت الأبيض الأخيرة تفتح باباً كبيراً للتأويل والتساؤل، هل فعلاً يسعى ترامب لإنهاء العقوبات عن سوريا من أجل السلام؟ أم أنّ ما يجري لا يعدو كونه تكتيكاً سياسياً لحشد أوراق تفاوض جديدة؟ المؤكّد أنّ الملف السوري عاد إلى الواجهة، وأنّ المرحلة المقبلة قد تحمل تحوّلات حقيقية، لكنها لن تخلو من الحسابات الأمريكية الدقيقة ومصالح القوى الفاعلة في المنطقة.
“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”