السر المدفون منذ 2013: هل أمر الأسد بقتل أوستن تايس؟

ترجمة – نبض الشام
في أول شهادة من نوعها، زعم مسؤول أمني سوري سابق أن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد أمر شخصياً بقتل الصحفي الأمريكي أوستن تايس في عام 2013. وفي مقال نشرته “واشنطن بوست” وترجمه نبض الشام ، لم تؤكد الولايات المتحدة بعد هذه الرواية، لكنها فتحت تحقيقاً جدياً حولها، في ظل غموض مستمر بشأن مصير تايس منذ أكثر من عقد. بينما تتمسك عائلة الصحفي الأسبق في مشاة البحرية بالأمل، لا تزال الحقيقة ضائعة وسط تناقضات النظام السوري وتحولات المشهد السياسي بعد سقوط الأسد.
شهادة غير مسبوقة لمسؤول سوري رفيع
كشف مسؤول أمني سوري سابق، وهو المستشار الاستراتيجي السابق لبشار الأسد، باسل الحسن، لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) أن الرئيس الأسد أمر بقتل الصحفي الأمريكي أوستن تايس في عام 2013. الحسن أدلى بهذه الإفادة خلال عدة لقاءات مع عملاء من الـ FBI ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في بيروت خلال شهر أبريل، بحضور مسؤولين لبنانيين. وتعد هذه أول مرة يتحدث فيها مسؤول من داخل النظام السوري مباشرة إلى السلطات الأمريكية عن مصير تايس.
تفاصيل الإفادة: هروب تايس وتنفيذ الإعدام
ووفقاً للحسن، فإن تايس تمكن من الهروب لفترة وجيزة من سجنه في أكتوبر 2012، مما دفع السلطات السورية لإصدار مذكرة بحث عنه. وقد أشار الحسن إلى أنه حاول إقناع الأسد بالحفاظ على حياة تايس لاستخدامه كورقة ضغط ضد واشنطن، إلا أن الأخير أصرّ على قتله، وجرى تنفيذ الأمر عن طريق أحد مرؤوسي الحسن في عام 2013.
الشكوك تحيط برواية الحسن
رغم أن بعض المسؤولين الأمريكيين وصفوا رواية الحسن بأنها “ذات مصداقية”، إلا أن آخرين يرون أن الحسن قد يكون يحاول التملص من مسؤوليته. والد تايس، مارك تايس، قال إن الحسن “مجرم حرب معروف” ولا يمكن الوثوق بكلامه. الأسرة ما زالت تؤمن بأن أوستن حي، استناداً إلى شهادات غير موثقة لأشخاص زعموا رؤيته في سجون النظام بعد عام 2013.
صحفي وجندي سابق في قلب الصراع السوري
أوستن تايس، الصحفي المستقل والضابط السابق في مشاة البحرية الأمريكية، اختفى في أغسطس 2012 قرب دمشق أثناء تغطيته للحرب الأهلية السورية لصالح عدة مؤسسات إعلامية. منذ ذلك الحين، سعت عائلته والإدارات الأمريكية المتعاقبة لإعادته، دون نتيجة. النظام السوري ظل ينكر احتجازه ولم يعترف حتى باسمه.
سقوط النظام وعودة الأمل
مع انهيار نظام الأسد أواخر العام الماضي وفراره إلى روسيا، عادت الآمال لدى عائلة تايس بالعثور عليه. ولكن رغم تفكيك سجون النظام، لم يظهر له أثر. الحكومة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، أبدت تعاوناً مع واشنطن وعائلة تايس، وسمحت للمبعوثين الأمريكيين بزيارة بعض المواقع للتحقق، من بينها مقر الحسن السابق، دون العثور على أدلة دامغة.
الحسن قيد المطاردة وموقع الجثمان مجهول
الحسن، الخاضع لعقوبات أمريكية منذ عام 2014 بسبب صلاته ببرنامج الأسلحة الكيميائية السوري، فرّ إلى إيران قبل سقوط النظام، ثم انتقل مؤقتاً إلى بيروت. زوّد السلطات الأمريكية بمعلومات عن مواقع محتملة لجثمان تايس قرب دمشق، لكن هذه المواقع تغيرت في وصفه، ولم تُعثر على رفات حتى الآن.
فيديو مفبرك واستجواب مباشر
مسؤول سوري سابق آخر يُدعى صفوان بعلول، قال في مقابلة إنه شارك في استجواب تايس بعد أسره، وإن الحسن كان من نظّم تصوير فيديو مزيف نُشر في سبتمبر 2012 لإظهار أن تايس محتجز لدى جماعات متطرفة، بينما كانت السلطات السورية وراءه فعلياً.
أمريكا مستمرة في البحث
رغم مضي أكثر من 12 عاماً على اختفاء تايس، لا تزال السلطات الأمريكية ،عبر مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخارجية، تواصل البحث عنه أو عن رفاته، ولم تُغلق التحقيقات. المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الرهائن، روجر كارستينز، زار دمشق أواخر ديسمبر، لكن الزيارة لم تثمر عن أدلة حاسمة.
رغم مرور أكثر من عقد على اختفاء أوستن تايس، يظل مصيره غامضاً. وبين شهادات متضاربة ومعلومات غير مؤكدة، تواصل عائلته تمسّكها بالأمل، فيما تواصل واشنطن التحقيق بلا كلل. إن كانت رواية الحسن صحيحة، فإنها لا تمثل فقط جريمة مروعة، بل تكشف أيضاً عن الوجه الحقيقي لنظام ظل يراوغ ويخفي الحقيقة عن العالم لعقد من الزمن.