خارج الصندوقسياسيات متناقضةهيدلاينز

سياسة ترامب الجمركية: ملامح مزدوجة!

خاص – نبض الشام

يُعرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمواقفه الحادة وتصريحاته المفاجئة، خصوصاً فيما يخص السياسات التجارية، فبينما يرفع شعارات حماية الاقتصاد الأمريكي، تُظهر خطواته العملية تقلبات كثيرة، وهو ما يدفع للتساؤل: هل ما يقوم به يمثل تناقضا أم نوعا من المرونة الاستراتيجية؟ في هذا المقال، نستعرض أبرز ملامح سياسة ترامب الجمركية لنفهم هذا التباين الظاهري.

إما القبول أو الرفض
في خطوة مفاجئة، وقع ترامب على خطابات موجهة إلى 12 دولة تتضمن فرض رسوم جمركية بنسب مختلفة، على أن تُعرض بشكل نهائي دون تفاوض تحت صيغة “إما القبول أو الرفض”، هذه الآلية توحي بسياسة حادة لا تقبل الجدل، ما يعكس انطباعا بعدم الاستعداد للمساومة،  مع ذلك، لم يحدد ترامب أسماء هذه الدول، وهو ما يفتح باب التأويل حول أهدافه الحقيقية.

أعلن ترامب بداية عن رسوم تصل إلى 50%، ثم جرى تعليقها باستثناء نسبة 10% لفترة مؤقتة مدتها 90 يوما. لكنه عاد لاحقا ليصرح بأن النسب قد ترتفع إلى 70% ابتداء من أغسطس. هذا التدرج غير المستقر في فرض الرسوم يثير شكوكا حول مدى ثبات الرؤية الاقتصادية لدى الإدارة الأميركية.

تراجع عن التفاوض
صرّح ترامب في البداية برغبته في الدخول بمفاوضات مع العديد من الدول، لكنه تراجع بعد ما وصفه بانتكاسات مع شركاء أساسيين كاليابان والاتحاد الأوروبي. وبدلا من التفاوض، لجأ إلى إرسال خطابات ملزمة. هذا التغير يعكس توجها أكثر فردية، وقد يبدو للبعض تناقضا واضحا مع خطاب الانفتاح المعلن سابقا.

رغم الحزم الظاهري، توصلت واشنطن إلى اتفاقات تفضيلية مع بريطانيا وفيتنام والصين. ففي حالة بريطانيا، تم تثبيت الرسوم عند 10% مع تقديم مزايا لبعض القطاعات. وفيتنام حصلت على تخفيضات جمركية مع تسهيلات للصادرات الأميركية، أما مع الصين، فتم الاتفاق على خفض مؤقت للرسوم. هذه الأمثلة توضح أن هناك مجالا للتفاوض والاستثناء، وهو ما يناقض سياسة “إما القبول أو الرفض”.

وجه مزدوج!
بين التصعيد والتراجع، بين التهديد والتفاوض، تبرز سياسات ترامب الجمركية كمرآة لتوجه مزدوج: ظاهره الحزم وباطنه المرونة حسب الظرف والمصلحة، ولذلك، فإن وصف هذه السياسات بالتناقض ليس بعيدا عن الواقع، وإن اعتبره البعض دهاء سياسيا، يظل السؤال قائما: هل هي تناقضات مقصودة لخدمة أهداف معينة، أم ارتجال بلا استراتيجية واضحة؟

متابعة أسرة تحرير نبض الشام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى