اللاذقية تحترق… والمأساة أكبر من نيران

خاص – نبض الشام
بين الجبال التي كانت تفيض بالخضرة، وبين الغابات التي لطالما شكّلت متنفساً لأهل الساحل السوري، اندلعت نيران لا تهدأ، والتهمت الأخضر قبل اليابس، في مشهد مؤلم لا يُشبه سوى مشاهد الحرب. حرائق ريف اللاذقية ليست حدثا عابرا، بل جرحا جديدا في جسد الوطن. أربعة أيام من اللهب المتصاعد، وأصوات الاستغاثة، والدخان الذي غطّى السماء، لتبقى المأساة شاهدة على فصول من الإهمال والخطر المتراكم.
جهود مستمرة
أكدت وزارة الدفاع السورية اليوم الأحد 6 تموز، أن عملياتها متواصلة في مساندة فرق الإطفاء في الدفاع المدني لإخماد حرائق اللاذقية المستمرة منذ الخميس الماضي، عبر إرسال مروحيتين والتخطيط لإرسال الثالثة في الساعات المقبلة.
وقالت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع، إن المروحيات سيكون عملها على المناطق البعيدة والوعرة التي يُصعب على فرق الدفاع المدني الوصول إليها بشكل خاص، إضافة للعمل على المناطق الأشد اشتعالًا بمختلف مناطق الحرائق خصوصًا.
وأضافت الإدارة في تصريحها، أنه بناءً على توجيهات الوزارة ستبقى المروحيات مستمرة في العمل ومساعدة وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث حتى إخماد حرائق المنطقة جميعها.
وأوضحت الوزارة أن خطتها واسعة وتشمل تقييم مساحة الحرائق ومناطق توسعها وإطفاءها، إضافة إلى دعم الفرق الأرضية وتأمين خطوط النار وإيقاف توسعها وتفقد الأهالي والمساعدة في إخراج العالقين في المناطق المأهولة نتيجة انقطاع الطرق.
وضع مأساوي واستجابة إقليمية
قال وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح عبر منصة “X” إن الوضع مأساوي بشكل كبير في ريف اللاذقية ومئات آلاف الأشجار الحراجية على مساحة تقدر بنحو 10 آلاف هكتار في 28 موقعاً باتت رماداً بسبب هذه الحرائق
ذكر أن 80 فريقاً من الدفاع المدني السوري يبذلون جهداً كبيراً لإطفاء الحرائق إلى جانب وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث وعدة فرق من فوج الإطفاء الحراجي التابع لوزارة الزراعة ومؤازرة من بعض المؤسسات الحكومية
بمشاركة 160 آلية إطفاء في إخماد الحرائق إلى جانب 12 آلية هندسية ثقيلة لتقسيم الغابات إلى قطاعات يسهل التعامل معها وفتح طرقٍ أمام سيارات الإطفاء
ونوّه بأن تركيا والأردن يشاركان بإخماد الحرائق بعدد من الفرق والآليات والعناصر وملاحق المياه وسيارات نجدة وطائرات مروحية لمساندة الفرق على الأرض في عمليات الإخماد
بدوره، أكد الدفاع المدني السوري، اليوم، مشاركة فرق الإطفاء الأردنية فعليًا في إخماد الحرائق الحراجية في ريف اللاذقية، وذلك بعد أربعة أيام من استمرار تلك الحرائق وامتدادها بطريقة غير مسبوقة.
وقال الدفاع المدني عبر معرفاته الرسمية إنّ فرق الإطفاء الأردنية انطلقت إلى مناطق الساحل السوري لمساندة فرق الإطفاء في عمليات إخماد الحرائق في ريف اللاذقية.
ولفت إلى أن المملكة الأردنية الهاشمية أبدت استعدادها أمس لمشاركة فرق الدفاع المدني السوري ومساندتهم في عمليات السيطرة على الحرائق وإخمادها.
تنسيق ميداني واسع
كان قد أعلن وزير الطوارئ في وقت سابق اليوم عن إنشاء غرفة عمليات ميدانية مشتركة تضم عددًا من المنظمات السورية الفاعلة، للمشاركة في إخماد الحرائق في ريف اللاذقية المستمرة منذ أربعة أيام.
وقال الصالح عبر حسابه في منصة (x): “إن إنشاء الغرفة جاء مع توسّع رقعة الحرائق في غابات الساحل نتيجة الظروف المناخية القاسية، واشتداد سرعة الرياح، ووجود مخلفات الحرب التي تعيق حركة فرق الإطفاء”.
وأكد أنه اتفق في اتصال هاتفي مع وزير الزراعة والغابات التركي إبراهيم يوماقلي على تعزيز التنسيق الميداني بدءًا من صباح اليوم، عبر زيادة عدد فرق الإطفاء والطائرات المشاركة من الجانب التركي وبما لا يخل بجاهزية فرق الإطفاء التركية، دعمًا للجهود المبذولة على الأرض في مواجهة هذا الحريق واسع النطاق.
وأشار كيال حينها، إلى أن “قُطر الحريق بين هذه المناطق يتجاوز 20 كيلومترًا مربعًا، وبالتالي انقطعت بعض الطرقات الواصلة بين البسيط وقسطل معاف وبيت القصير وبعض القرى المجاورة بسبب النيران”.
ميدان محفوف بالمخاطر
تدخلت فرق إطفاء الدفاع المدني منذ بداية اندلاع الحرائق الحراجية التي طالت كلاً من غابات العطيرة والريحانية وشلف وزنزف في جبال محافظة اللاذقية، إضافة إلى وصول فرق دعم إضافية من محافظات أخرى.
وكان قد اعتبر مدير مديرية الساحل في الدفاع المدني عبد الكافي كيال، أن هذا الحريق هو الأصعب لوعورة الطرقات ووجود الألغام والذخائر والأسلحة غير المنفجرة التي خلّفها النظام البائد، فضلًا عن عدم وجود خطوط تصل إلى بؤر النيران.
ألم البيئة
ما تشهده اللاذقية اليوم يتجاوز مجرد نيران مشتعلة، هو اختبار حقيقي للقدرة على التصدي والتخطيط والوقاية. من المؤلم أن ننتظر اشتعال الغابات كي نتحرك.
إن الكارثة الحالية يجب أن تدفع الجميع إلى إعادة النظر في حماية البيئة والاستعداد للطوارئ. الغابة لا تحترق في يوم، لكنها تنهار في لحظة إذا لم نرعها. ما جرى درس قاس، لكنه لا يزال قابلًا للتحول إلى بداية حقيقية لحماية ما تبقى من خضرة الوطن.
“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”