400% زيادة في الرواتب… هل تتحقق أحلام السوريين؟

خاص – نبض الشام
بعد صمت طويل، عادت الحكومة السورية لتعلن عن زيادة مرتقبة في رواتب الموظفين بنسبة 400%، وسط ترقّب شعبي واسع وقلق مشروع من أن تذوب هذه الزيادة، كما في تجارب سابقة، تحت نيران الأسعار ولهيب التجار. وبينما تبدو الزيادة خطوة مطلوبة في ظل الواقع المعيشي المتدهور، يظل السؤال: هل ستغيّر شيئاً في حياة السوريين، أم ستبقى حبراً على ورق في ظل ضعف الرقابة وتكرار المشهد؟
منحة قطرية تمهد للزيادة
أشار المحلل الاقتصادي حسن ديب إلى أن السماح الأميركي لقطر بتمويل رواتب القطاع العام في سوريا (باستثناء وزارتي الدفاع والداخلية) كان مفتاح العودة إلى الحديث عن زيادة الرواتب. المنحة القطرية تمتد لثلاثة أشهر بقيمة 29 مليون دولار لكل دفعة، وتغطي أكثر من مليون موظف.
وبحسب ديب، وضعت وزارة المالية خطة تدريجية للزيادة تبدأ بـ100% في يوليو وأغسطس، يليها رفع بنسبة 200%، ثم 100% أخرى لتصل إلى 400% بنهاية العام.
الزيادة لن تكفي وحدها… الإنتاج هو الحل
يرى ديب أن ضخ هذا الكم من النقد في الأسواق يجب أن يترافق مع تحريك عجلة الإنتاج حتى لا تتحول الزيادة إلى وقود جديد للتضخم. فالدفعة الأولى قد تُمتص بسرعة، أما الثانية والثالثة فيجب أن تتزامن مع توسع الإنتاج حتى يبقى للزيادة أثر إيجابي ملموس.
خوف من تكرار تجارب الماضي
لم يخفي السوريين قلقهم من تكرار السيناريوهات السابقة في عهد بشار الأسد، حينما كانت الزيادات تتزامن مع ارتفاعات هائلة في الأسعار تبتلع الرواتب بالكامل. مع وجود بعض الأمل في أن الحكومة الحالية باتت أكثر انفتاحاً على العالم، مما يعزز فرص التغيير الحقيقي.
رواتب مضاعفة لا تكفي لـ”العيش الكريم”
ومن المتوقع أن تسهم الزيادة في تحسين الأوضاع المعيشية للموظفين، مع العلم بأن الأسرة السورية تحتاج إلى 800 دولار شهرياً لتأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة، وهو ما تبقى الزيادة المقترحة بعيدة عنه.
تفاؤل مشوب بالحذر
ينظر موظفي القطاع العام في سوريا بإيجابية إلى القرار مع التحذير من ضعف الرقابة الحكومية على الأسواق، والتي قد تحوّل هذه الزيادة إلى مجرد رقم لا يغيّر الواقع. وخشية أن تتكرر التجربة السابقة التي كان المواطن فيها يدفع للدولة أكثر مما يحصل منها.
التجار ليسوا كما كانوا؟
المحلل الاقتصادي علي عبدالله يعتقد أن قدرة التجار على التلاعب بالزيادات تقلصت بفعل تغيّر طبيعة الاقتصاد السوري، الذي بات أقرب إلى اقتصاد السوق. ويرى أن السوق اليوم قادر على تعديل نفسه وفق العرض والطلب، ما يحدّ من تحكم التجار المطلق كما كان في الماضي.
زيادة الرواتب… أمل واقعي أم مجرد تهدئة؟
لا شك أن زيادة الرواتب بنسبة 400% تحمل بارقة أمل للكثير من السوريين، لكنها تظلّ رهينة عوامل كثيرة: الإنتاج، الرقابة، الأسواق، واستقرار سعر الصرف. الأهم أن تكون هذه الزيادة جزءاً من سياسة اقتصادية شاملة، لا مجرد إجراء مؤقت يستهلكه جشع السوق. السوريون ينتظرون، ليس فقط المزيد من المال، بل مزيداً من العدالة والشفافية والرقابة… وربما بصيصاً من الاستقرار الذي طال انتظاره.
“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”