بوصلة الشامتقاريرنبض الساعةنبض خاصهيدلاينز

“كرفانات درعا”.. صفيح يُعوّض الحجر

خاص – نبض الشام

في ظل تزايد عودة المهجرين وارتفاع جنوني في أسعار الإيجارات ومواد البناء، يلجأ أهالي درعا السورية إلى “الكرفانات” كحل عملي وسريع لأزمة السكن. هذه البيوت المعدنية المؤقتة أصبحت واقعاً عمرانياً جديداً، يعكس هشاشة الحلول المتاحة في محافظة لا تزال تعاني من آثار الحرب والإهمال الرسمي. فهل تكون الكرفانات بداية استقرار، أم ترسيخاً للأزمة؟

بيوت من صفيح بدلاً من الأنقاض

في حي طريق السد بمدينة درعا، اختار محمد أن يبني “كرفانة” قرب منزله المدمر، بعد أن عجز عن ترميمه أو استئجار بيت بديل. الكرفانة، المؤلفة من ثلاث غرف ومطبخ وحمام، كلّفته نحو 24 مليون ليرة سورية، بينما تحتاج إعادة البناء إلى 300 مليون ليرة سورية على الأقل.

عودة المهجرين تحرّك سوق البناء المؤقت

انتقلت فكرة المنازل مسبقة الصنع من إدلب إلى درعا بعد عودة آلاف المهجرين من الخارج، ما أدى إلى انتشار ورشات التركيب ومراكز بيع الألواح المعدنية. ويشير شادي، أحد العاملين في هذا المجال، إلى أن الطلب على هذه المنازل ازداد لدرجة أن الزبائن يحجزون مسبقاً.

الكرفانة أرخص من الإيجار

في ظل إيجارات تبلغ أحياناً 2.5 مليون ليرة شهرياً داخل درعا، بات شراء كرفانة بسعر 600 دولار للغرفة خياراً اقتصادياً. الإيجارات غير منضبطة قانونياً ويحددها أصحاب العقارات بشكل مزاجي، ما يجعلها غير موثوقة ولا قابلة للاستدامة، بحسب أصحاب مكاتب عقارية.

عودة جماعية وضغط عمراني

يشرح عبد الرحمن ،صاحب مكتب عقاري، أن عودة اللاجئين بعد سقوط النظام السابق تضاعف الضغط على السوق العقارية. فالعائلات التي غادرت كعائلة واحدة، عادت كأربع عائلات بسبب التزايد الطبيعي، ما تسبب في ارتفاع الطلب على السكن مقابل عرض محدود.

إهمال رسمي وترميم جزئي

رغم حجم الدمار الهائل الذي خلفته الحرب في درعا، لم تقدم الجهات الرسمية ولا المنظمات الدولية حلولاً جذرية لإعادة الإعمار، واقتصر عملها على ترميم جزئي يشمل أبواباً ونوافذ. غياب الدعم جعل من “الكرفانة” خياراً إلزامياً وليس مجرد بديل مؤقت.

حل مؤقت في وجه أزمة مزمنة

باتت الكرفانات وجهاً جديداً للمعاناة المزمنة في درعا، تجمع بين الضرورة والرمزية. فهي تذكير بغياب حلول مستدامة لأزمة السكن، وتعبير عن عجز الدولة والمنظمات الدولية عن إعادة إعمار ما دمرته الحرب. وبينما تمثل هذه الهياكل المعدنية ملاذاً لآلاف العائلات، تبقى الحقيقة المؤلمة أنها مجرد تسوية مؤقتة على أنقاض مأساة لم تنتهِ بعد.

متابعة أسرة تحرير نبض الشام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى