دراجات الفوضى: قرار حظر في حلب يفشل في ضبط الشارع

خاص _ نبض الشام
رغم قرار رسمي واضح وصارم، لم تنجح محافظة حلب في فرض حظر فعلي على الدراجات النارية غير المرخّصة داخل المدينة، ما أثار جدلاً واسعاً حول فاعلية الإجراءات الأمنية ومدى واقعيتها.
القرار الصادر في 4 يونيو، والذي استهدف تنظيم الحركة والحد من الفوضى، بدا أنه بقي حبراً على ورق مع استمرار الضجيج والازدحام وغياب التطبيق الجاد، لا سيما في المناسبات العامة كعيد الأضحى. وبينما تباينت ردود الفعل بين مؤيدين يرونه ضرورياً للسلامة العامة، ورافضين يرونه استهدافاً لفقراء المدينة، تكشف التفاصيل مشهداً أكثر تعقيداً، يعكس عمق الأزمات الخدمية والأمنية في واحدة من أكثر المدن السورية اكتظاظاً وتضرراً.
قرار صارم… دون تطبيق فعلي
وكانت محافظة حلب أصدرت تعميماً يقضي بمنع سير الدراجات النارية غير المرخّصة داخل المدينة، اعتباراً من 4 من يونيو الحالي، مع مصادرتها من قبل الجهات الأمنية المختصة، بدافع “تحقيق الأمن والسلامة العامة”، بحسب ما ورد في القرار.
وحدد التعميم السماح للدراجات المرخصة فقط بدخول المدينة من الساعة السادسة صباحاً حتى الرابعة عصراً، مع تكليف الوحدات الشرطية وقوى الأمن الداخلي بتنفيذ الحملة وملاحقة المخالفين ضمن ساعات المنع.
وعلى الرغم من عدم وجود التزام فعلي بالقرار، نفذت الجهات الأمنية خلال الأيام الأولى من صدور التعميم حملات محدودة لمصادرة عدد من الدراجات النارية، لا سيما في الأحياء القريبة من قلعة حلب.
لكن هذه الإجراءات لم تستمر، وتراجعت بشكل ملحوظ، ما فتح المجال أمام عودة حركة الدراجات بوتيرتها المعتادة.
شكاوى الأهالي بين الضجيج والقيادة المتهورة
تزايدت حركة الدراجات خلال الأيام الماضية في محيط قلعة حلب، بالتزامن مع حركة الزوار والاحتفالات، حيث اشتكى سكان في حي الأصيلة والمدينة القديمة من الأصوات المرتفعة والقيادة المتهورة لبعض الشبان، ممن يستخدمون دراجات بلا لوحات أو ترخيص.
كما أبدى سكان يعيشون قرب قلعة حلب تذمرهم المتكرر خلال الأشهر الماضية من الضجيج الناتج عن حركة الدراجات النارية، لا سيما في ساعات الليل المتأخرة، واعتبروا أنها تحولت إلى مصدر إزعاج دائم ومظهر من مظاهر الفوضى.
إجراءات أمنية محدودة
وعلى الرغم من عدم وجود التزام فعلي بالقرار، نفذت الجهات الأمنية خلال الأيام الأولى من صدور التعميم حملات محدودة لمصادرة عدد من الدراجات النارية، لا سيما في الأحياء القريبة من قلعة حلب.
لكن هذه الإجراءات لم تستمر، وتراجعت بشكل ملحوظ، ما فتح المجال أمام عودة حركة الدراجات بوتيرتها المعتادة.
قرار أمني أم عبء جديد على السكان؟
تعتمد شرائح واسعة من سكان حلب على الدراجات النارية كوسيلة تنقّل رئيسة، خاصة في أحياء الطرف الشرقي من المدينة، وفي أوساط العاملين بخدمات التوصيل والمياومة.
وقوبل القرار بردود فعل متباينة، إذ اعتبر من جهة خطوة ضرورية للحد من الجرائم والفوضى، ومن جهة أخرى وُصف بأنه استهداف لوسيلة نقل يعتمد عليها عدد كبير من السكان، في ظل صعوبات اقتصادية وتوقف شبه كلي لعمليات ترخيص الدراجات في مديريات النقل.
لكن في المقابل، وصف القرار بأنه شامل وقاسٍ، وجرى انتقاده لعدم تضمينه بدائل أو آليات واضحة للترخيص، في ظل ظروف اقتصادية متدهورة، وعجز شريحة واسعة من السكان عن استكمال الإجراءات النظامية.
أزمة مرورية أكبر من مجرد دراجات
ورغم تبرير القرار بدوافع تنظيمية، تشير المعطيات الميدانية إلى أن أزمة السير في حلب لا تقتصر على انتشار الدراجات، بل ترتبط أيضاً بضعف تفعيل شرطة المرور في أجزاء من المدينة، إضافة إلى الركن العشوائي للسيارات، لا سيما في مناطق مثل السبع بحرات، والجميلية، وسيف الدولة.
تكشف تجربة قرار حظر الدراجات النارية غير المرخّصة في حلب عن فجوة كبيرة بين التشريعات وواقع التنفيذ، في ظل غياب البدائل العملية والرقابة المستدامة. وبينما يستمر المواطنون في التنقل وسط الفوضى، تُطرح أسئلة ملحّة حول أولويات الإدارة المحلية، ومدى قدرتها على تقديم حلول تنظم المدينة دون أن تضعف أكثر الشرائح هشاشة. وفي غياب رؤية شاملة لحل أزمة النقل والمخالفات المرورية، تبقى الدراجات النارية مجرد عرض لأزمة أعمق تضرب قلب المدينة.
“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”