العراق والتحالف الدولي في سوريا: ما وراء المطالبة بالبقاء؟

خاص – نبض الشام
في ظل التطورات الأمنية المعقدة التي تشهدها المنطقة، برز الموقف العراقي الجديد من بقاء قوات التحالف الدولي في سوريا، كرسالة ذات أبعاد استراتيجية.
فقد أكد وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، أن أمن العراق لا يمكن فصله عن أمن سوريا، مشيراً إلى أهمية استمرار وجود التحالف الدولي لمواجهة التهديدات المتبقية من تنظيم “داعش – الدولة الإسلامية”.
الدوافع العراقية
يرى العباسي أن بقاء قوات التحالف، وخصوصاً الأمريكية منها، ضروري لمواجهة “بقايا التنظيم، التي لا تزال موجودة” في مناطق متفرقة من سوريا، هذا التصريح يتجاوز الإطار الأمني ليعكس إدراك بغداد بأن سقوط الجبهة السورية قد يؤدي إلى تدفق الخطر نحو الأراضي العراقية.
وأضاف الوزير أن التنسيق مع التحالف لا يزال مستمراً، وأن بغداد لم تتلق أي إشعار بتغيير في خطط انسحاب القوات، كما لم يُطلب منها الموافقة على زيادة أعداد القوات الأمريكية، ما يشير إلى أن العراق يتعامل مع مسألة الوجود الأجنبي بشكل متوازن، يُراعي مصالحه الأمنية دون الانجرار إلى محاور متصارعة.
تهديد مشترك
من أبرز الملفات المثارة في هذا السياق هو مخيم “الهول” الواقع شمال شرقي سوريا، والذي يضم عائلات مقاتلي التنظيم. فقد كشف العباسي عن أن العراق طلب من دمشق، عبر تركيا، إغلاق المخيم الذي يُشكل تهديداً مباشراً لأمنه، إ إن المشكلة لا تكمن في المقاتلين فقط، بل في النساء والأطفال من رعايا دول أوروبية ترفض إعادتهم، ما يضع عبئاً أمنياً وإنسانياً على الجوار السوري.
تراجع أمريكي
في الوقت الذي عبّر فيه العراق عن حاجته لبقاء التحالف، كانت واشنطن قد بدأت بالفعل بسحب جزء من قواتها، فقد أكدت مصادر أمريكية سحب حوالي 500 جندي من سوريا، وإغلاق ثلاث قواعد عسكرية، وتسليم واحدة منها لـ”قوات سوريا الديمقراطية”.
ومع ذلك، أعلن التحالف الدولي أن هذا التحرك يأتي ضمن “خطة مدروسة” لإعادة تموضع القوات، وليس انسحاباً تاماً، مؤكداً استمرار مهمته في تقويض قدرات التنظيم وتعزيز الاستقرار.
تعثر سياسي في سوريا
العباسي أشار أيضاً إلى تعثّر محادثات الحكومة السورية مع “قسد” حول انضمامها لقوات وزارة الدفاع، ما يُبقي الساحة مشرعة أمام التدخلات والفراغ الأمني، في هذا السياق، تبدو عمليات “العزم الصلب” ضرورية، ليس فقط لمواجهة الإرهاب، بل أيضاً لمنع انزلاق الوضع إلى مزيد من الفوضى.
إن مطالبة العراق ببقاء التحالف في سوريا ليست مجرد رأي سياسي، بل تعبير عن قلق أمني مشروع، فبين تهديدات “الهول”، وبقايا التنظيم، وتعثر الحلول السياسية، يبدو أن أي انسحاب غير محسوب قد يُعيد العراق وسوريا معاً إلى نقطة الصفر.
“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”