خارج الصندوقخفايا وكواليسهيدلاينز

الموقف الأمريكي من سوريا: استقرار أم أزمة مؤجلة؟

خاص – نبض الشام

منذ اندلاع الأزمة السورية، اتسمت السياسة الأمريكية تجاه سوريا بالغموض والتقلب، فتارة تُرفع الشعارات الداعية للتغيير والديمقراطية، وتارة تُتخذ خطوات تصب في مصلحة استقرار السلطة القائمة.
وفي ظل هذه المتغيرات، جاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا ليضيف فصلاً جديداً من التناقضات في تعاطي واشنطن مع الملف السوري، خصوصاً بعد تولي أحمد الشرع رئاسة السلطة السورية الانتقالية.

تحوّل جذري
في خطوة مفاجئة، أصدر الرئيس الأمريكي ترامب قراراً يقضي برفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عقود، في أعقاب لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض.
هذا اللقاء، الذي يُعد الأول من نوعه بين رئيس أمريكي وزعيم سوري منذ 25 عاماً، أثار تساؤلات عدة بشأن دوافع واشنطن وأهدافها الحقيقية من هذا التحول المفاجئ في سياستها تجاه دمشق.

تبرير الخارجية الأمريكية
أمام سيل الانتقادات التي وُجهت للإدارة الأمريكية، سارعت وزارة الخارجية إلى توضيح موقفها، مشيرة إلى أن القرار يهدف إلى منع انهيار السلطة الانتقالية في سوريا، وهو ما قد يؤدي إلى فوضى شاملة وانزلاق البلاد نحو حرب أهلية مدمّرة.
وجاء في بيان الخارجية أن استمرار فرض العقوبات سيزيد من الضغط على الحكومة الانتقالية، في وقت تمر فيه بظروف اقتصادية وأمنية بالغة التعقيد.

ماركو روبيو.. يدافع
في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ، دافع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن قرار الرئيس، مؤكداً أن التواصل مع السلطة الحالية يمثل الخيار الوحيد المتاح لتفادي الكارثة.

وقال روبيو: “إذا رفضنا التعامل مع الحكومة الحالية، فلن يكون هناك احتمال للنجاح من الأساس، لكن إن عملنا معهم، قد نمنح البلاد فرصة للنجاة”.
وأضاف أن الحكومة الانتقالية تواجه تحديات هائلة، وقد تكون على وشك الانهيار خلال أسابيع قليلة، وهو ما يهدد باندلاع نزاع شامل يؤدي إلى تفكك البلاد وزعزعة استقرار المنطقة.

تعاون مؤقت
أوضح روبيو أن السفير الأمريكي لدى تركيا سيؤدي دوراً مؤقتاً في التنسيق مع السلطات المحلية السورية لتحديد طبيعة المساعدة المطلوبة، في ظل غياب بعثة دبلوماسية أمريكية رسمية في دمشق، هذا الشكل من التعاون يعكس تردد الإدارة الأمريكية بين الانخراط الكامل في دعم السلطة الجديدة وبين تجنب التورط العميق في الملف السوري.

بداية لمرحلة جديدة؟
اللقاء الذي جمع ترامب والشرع في الرياض قد لا يكون مجرد إجراء بروتوكولي، بل ربما يمثل بوابة لإعادة صياغة العلاقات بين واشنطن ودمشق، وبالرغم من أن اللقاء لم يسفر عن اتفاقيات رسمية فورية، إلا أن الإعلان عن رفع العقوبات جاء بمثابة مؤشر على نية أمريكية في فتح صفحة جديدة، قائمة على الواقعية السياسية أكثر من المبادئ المثالية التي كانت تروّج لها الإدارات السابقة.

بدون خسائر!
السياسة الأمريكية تجاه سوريا في عهد أحمد الشرع تكشف عن براغماتية واضحة ورغبة في احتواء الأزمة بأقل الخسائر، وبينما يبدو رفع العقوبات قراراً متناقضاً مع مواقف سابقة، إلا أنه ينبع من إدراك عميق بأن انهيار السلطة الحالية قد يطلق شرارة فوضى إقليمية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل تستطيع هذه السياسة المتذبذبة أن تخلق استقراراً حقيقياً، أم أنها مجرد تأجيل لأزمة قادمة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى