نصف قرن من النزاع.. وقرار أممي يحسم ملف الصحراء
خاص – نبض الشام
يُعدّ ملف الصحراء من أكثر النزاعات الإقليمية تعقيداً واستمراراً في العالم العربي، إذ يعود إلى ما يقارب نصف قرن من الخلاف بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. وقد عاد هذا الملف إلى الواجهة مجدداً بعد تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار يدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي، ما كشف عن تناقضات واضحة في المواقف الدولية تجاه هذا النزاع المزمن.
خلفية النزاع
بدأ الخلاف حول الصحراء الغربية منذ منتصف السبعينيات، عقب انسحاب إسبانيا من الإقليم ودخول المغرب والبوليساريو في صراع على السيادة. وبينما تعتبر الرباط أن الصحراء جزء لا يتجزأ من أراضيها، تطالب البوليساريو بإجراء استفتاء يتيح تقرير المصير لسكان الإقليم، وتحظى في ذلك بدعم واضح من الجزائر.
وخلال العقود الماضية، حاولت الأمم المتحدة تقريب وجهات النظر عبر بعثات سلام ومبادرات تفاوضية متعددة، لكنها لم تحقق تسوية نهائية بسبب تضارب المصالح الإقليمية وتبدّل المواقف الدولية.
قرار أممي جديد
في خطوة وُصفت بأنها تحوّل مهم في مسار القضية، صوّت مجلس الأمن على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة، وصف فيه خطة الحكم الذاتي المغربية لعام 2007 بأنها “الأكثر واقعية” لحل النزاع.
القرار حظي بتأييد 11 دولة، بينما امتنعت 3 دول عن التصويت، في حين غابت الجزائر عن الجلسة. وأكد النص الأممي أن مقترح المغرب يمكن أن يشكل أساساً جاداً لمفاوضات مستقبلية بين الأطراف المتنازعة، داعياً الأمين العام أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الخاص ستافان دي ميستورا إلى المضي في المفاوضات وفق هذا الإطار. كما تم تمديد مهمة بعثة المينورسو لعام إضافي، مع طلب تقييم استراتيجي خلال ستة أشهر.
ردود الفعل
قوبل القرار بترحيب واسع في المغرب، إذ وصف الملك محمد السادس تصويت المجلس بأنه “تحول تاريخي” يعزز مغربية الصحراء ويمهد لإنهاء النزاع المفتعل. وخرجت مسيرات في مدن مغربية عدة للاحتفال بما اعتُبر انتصاراً دبلوماسياً جديداً للرباط.
في المقابل، انتقدت الجزائر القرار بشدة واعتبرته انحيازاً سافراً لصالح المغرب، فيما شددت جبهة البوليساريو على أن أي حل لا يمر عبر استفتاء شعبي لن يكون مقبولاً. كما تزايدت حدة التوتر بين الجزائر وفرنسا بعد دعم باريس للمقترح المغربي، في ظل استمرار الموقف الأميركي المؤيد منذ اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء عام 2020.
مفارقة دولية
يكشف القرار الأممي الأخير عن مفارقة واضحة في المواقف الدولية بين الواقعية السياسية والدعوة إلى حق تقرير المصير. وبينما يرى المغرب فيه تأكيداً لشرعية مبادرته، تعتبره الجزائر والبوليساريو تقويضاً للعدالة الأممية. وهكذا، يظل نزاع الصحراء الغربية ملفاً مفتوحاً على احتمالات متعددة، رهن بمدى استعداد الأطراف لتقديم تنازلات واقعية تنهي صراعاً طال أمده لأكثر من أربعة عقود.
“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”




