أخبــاربلاد الجوار

ماذا يحدث بصفوف الحرس الثوري الإيراني؟

شهد الحرس الثوري الإيراني تغييرات مفاجئة بهدوء، مع إقالة القائد المخضرم في الحرس الثوري الإيراني محمد رضا نقدي، ما أثار جدلاً واسعاً حول إعادة الهيكلة بعد الحرب، وإعادة التوازن الداخلية، وشائعات التجسس التي ما زالت تلقي بظلالها على المؤسسة العسكرية.

وأكدت طهران مؤخراً استبدال نقدي، الذي كان يشغل منصب مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني لشؤون التنسيق، بعد أسابيع من التكهنات حول تغييرات أوسع في صفوف القوة النخبوية عقب حرب يونيو مع إسرائيل.

من جانبها، أفادت وسائل الإعلام الإيرانية هذا الأسبوع بتعيين العميد حجت الله قريشي، نائب وزير الدفاع السابق، مساعداً لقائد الحرس الثوري الإيراني لشؤون التنسيق، منهياً بذلك فترة طويلة من الشائعات حول مصير العميد نقدي، المعروف بمواقفه المتشددة ضد الإصلاحيين ودوره البارز في قوة الباسيج شبه العسكرية.

ووفقاً لوكالة تسنيم المرتبطة بالحرس الثوري، جاء التعيين بأمر من القائد العام للحرس، اللواء محمد بكبور، بينما تم نقل نقدي إلى منصب مستشار أول لقائد الحرس.

ويرى الخبراء أن توقيت هذا الإعلان الرسمي، الذي جاء بعد أسابيع من إشارات وسائل الإعلام لتولي قريشي المنصب، أثار تساؤلات حول سبب التأخير، خصوصاً في ظل غياب مراسم التسليم الرسمية المعتادة، واعتبرت وسائل الإعلام الإصلاحية أن أسلوب الإعلان المتأخر والمتحفظ يوحي بمحاولة مقصودة لتقليل أهمية التغيير.

ويعتقد مراقبون أن هذا التعيين أعاد إلى السطح شائعات قديمة حول وجود تسريبات في صفوف الحرس، خصوصاً في مكتب نقدي، الذي نفى مؤخراً اتهامات زملائه بالتجسس لصالح إسرائيل، واصفاً هذه الادعاءات بالكذب الصريح. وهذه الاتهامات تعود إلى سنوات، وكان الإصلاحي بهزاد نبوي قد أشار في 2019 إلى كشف عملاء مزعومين لصالح إسرائيل ضمن مكتب قائد كبير، واعتُبر ذلك حينها إشارة إلى نقدي.

وبالإضافة إلى الشائعات، يبدو أن إعادة الهيكلة جزء من مراجعة أوسع للصفوف العليا للحرس؛ مدفوعةً بخسائر كبيرة خلال حرب يونيو، حيث قُتل عدد من كبار الضباط في ضربات إسرائيلية؛ ما أشعل انتقادات نادرة حول إخفاقات الاستخبارات وضعف الحماية الداخلية.

وهذه الخسائر، إلى جانب تصاعد الهجمات السيبرانية والاستخباراتية المنسوبة لإسرائيل، حفزت نقاشاً داخلياً حول الحاجة لتعزيز مكافحة التجسس وإجراء إصلاحات هيكلية.

وينظر محللون إلى أن تعيين قريشي يعكس تحولاً نحو قيادة أكثر مهنية وأقل أيديولوجية؛ فهو تقني ذو خبرة في اللوجستيات والتسليح، بخلاف نقدي الذي كان وجه الحرس الثقافي المتشدد. وقد اعتبرت وسائل الإعلام الإصلاحية أن التغييرات بعد الحرب متعمدة لتعزيز الكفاءة والعملياتية في الحرس.

كما تأتي هذه التغييرات في سياق إعادة توزيع هادئة للضباط المتوسطين في قوة “فيلق القدس” ووحدات الدفاع الجوي؛ لتعزيز الثقة الداخلية وإعادة هيكلة القيادة بعد اغتيالات واختراقات سيبرانية إسرائيلية بارزة، وسط ضغوط إقليمية وتحديات اقتصادية وأمنية داخلية. غير أن إعادة ترتيب هذه المؤسسة العسكرية الأقوى في إيران، برغم غموضها، قد يكون لها أثر كبير يوازي أي تغيير سياسي ظاهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى