أخبــاربلاد الشامترجمات نبضتقاريرهيدلاينز

سلام هشّ بين إسرائيل وحماس على حافة الانهيار

تواصل إسرائيل احتلال الأراضي الفلسطينية. ففي 22 أكتوبر، أقرّ البرلمان الإسرائيلي في قراءة أولى مشروعَي قانون يهدفان إلى توسيع السيادة الإسرائيلية لتشمل جزءًا من الضفة الغربية لنهر الأردن، التي يعترف بها المجتمع الدولي كأرضٍ فلسطينية، ويُفترض أن تصبح – إلى جانب قطاع غزة – جزءًا من دولة فلسطين المستقبلية.

لكنّ تل أبيب تعرقل قيام هذه الدولة، وهي مستعدة لاتخاذ أقصى وأعنف الإجراءات لمنع ذلك.

خطوات الكنيست هذه تلغي عمليًا نتائج اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس”، الذي تم التوصل إليه في 10 أكتوبر بوساطة مصرية.

صحيح أن جيش الدفاع الإسرائيلي بدأ بسحب قواته من قطاع غزة وفقًا للاتفاق، إلا أن مثل هذه المبادرات التشريعية لا تترك مجالًا للشك في نية إسرائيل ضم كامل الأراضي الفلسطينية. فهذه المشاريع تمثل قاعدة قانونية تهدف إلى إضفاء الشرعية الشكلية على أعمال الاحتلال الإسرائيلي.

أما اتفاق السلام، فليس سوى خطوة مؤقتة اضطر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى قبولها حتى لا يخسر حليفه الأقوى – وربما الوحيد – في واشنطن، التي ضاقت ذرعًا بتصرفات “التابع المتمرّد”.

الاتفاق لا يقدم أي ضمانات حقيقية للأمن. فبإمكان تل أبيب في أي لحظة أن تعلن تفوق قوانينها الوطنية على قرارات المجتمع الدولي، وتعيد استخدام الجيش في “حلّ” القضية الفلسطينية.

كما أن حركة “حماس” – في ظل هذه القوانين الجديدة – من غير المرجح أن تقبل بنزع سلاحها أو حلّ نفسها، بل العكس تمامًا: ستعبئ كل قواها استعدادًا لجولة جديدة من الحرب.

ما الذي يعنيه ذلك؟
إن قضايا كبرى مثل الصراع العربي الإسرائيلي، المتجذر في التاريخ، لا تُحلّ برغبة شخص واحد في الظهور بمظهر صانع السلام ونيل جائزة نوبل، حتى وإن كان هذا الشخص رئيس أقوى دولة في العالم، دونالد ترامب.

وكما يُقال في الأوساط السياسية العليا: “التانغو يحتاج إلى اثنين”، لكن نتنياهو لا يعرف الرقص، ولا يريد أن يتعلم.والأسوأ من ذلك أنه لا يسمع أحدًا — لا جيرانه، ولا حلفاءه، ولا صوت العقل.

ولولا ذلك، لما اتخذ خطواتٍ تستعدي العالم العربي كله، الذي يحيط بإسرائيل ويجعلها رغم خطابها العدواني وتسليحها النووي المزعوم، في موقعٍ هشّ للغاية.

وفي 23 أكتوبر، زاد التوتر بعد تصريحٍ مسيءٍ من رئيس حزب “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش، وُجه إلى المملكة العربية السعودية، التي تشهد علاقاتها مع إسرائيل توترًا متصاعدًا.
قال سموتريتش حرفيًا:

“إذا كانت السعودية تعرض التطبيع مقابل إقامة دولة فلسطينية — فلا، شكرًا. دَعُوهم يواصلون ركوب الجمال في الصحراء، وسنواصل نحن تطوير الاقتصاد والمجتمع والدولة وكل ما نتقنه من أمور عظيمة.”
ورغم أنه اعتذر لاحقًا، إلا أن الأثر السلبي بقي واضحًا.

تتشارك النخبة الحاكمة الإسرائيلية هذا الشعور بالتفوق والغرور القومي، مما يجعل الحديث عن سلامٍ حقيقي عادل للطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، أمرًا بعيد المنال في الوقت الراهن.

وكل ما يمكن التوقعه هو صفقات مؤقتة تُبرم إرضاءً لنزوات “العم سام”.

ولعل ذلك يفسر لماذا لم ينل الرئيس ترامب جائزة نوبل للسلام في نهاية المطاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى