خفايا التحذير المناخي: هل اقترب العالم من نقطة اللاعودة؟
خاص – نبض الشام
يتصاعد القلق العالمي من تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري وازدياد انبعاثات الغازات المسببة له، ما يدفع الأمم المتحدة إلى إطلاق تحذيرات متكررة بشأن مستقبل كوكب الأرض. وفي أحدث نداء، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى التحرك العاجل لخفض الانبعاثات، مشيراً إلى أن “المهمة بسيطة ولكنها ليست سهلة”. يأتي هذا التحذير قبيل انعقاد مؤتمر المناخ العالمي “كوب30” في مدينة بيليم البرازيلية، حيث يسعى قادة العالم لوضع خطة تنقذ ما يمكن إنقاذه من مناخٍ يزداد سخونة عامًا بعد عام.
ارتفاع حراري يتجاوز الحدود
كشف تقرير جديد صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن حرارة الأرض مرشحة للارتفاع بما بين 2,3 و2,5 درجة مئوية خلال القرن الحالي، حتى مع التزام الدول بتعهداتها المناخية الحالية. هذه الأرقام تتجاوز بوضوح هدف اتفاقية باريس للمناخ التي سعت إلى حصر الاحترار دون درجتين مئويتين، ويفضَّل عند 1,5 درجة. وبحسب غوتيريش، فإن تجاوز هذا الحد سيؤدي إلى “عواقب كارثية” تشمل الأعاصير الشديدة، وموجات الحر القاتلة، وذوبان الجليد القطبي بوتيرة غير مسبوقة.
انبعاثات متزايدة رغم التحذيرات
رغم الجهود المعلنة، ارتفعت انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 2,3% عام 2024، مدفوعة بالاعتماد المستمر على الفحم والنفط والغاز. وتصدرت الهند قائمة الدول الأكثر زيادة في الانبعاثات، تليها الصين وروسيا وإندونيسيا، في حين واصل الاتحاد الأوروبي خفض انبعاثاته تدريجيًا، وسجلت الولايات المتحدة ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0,1%.
ورغم تحسن التوقعات الحرارية بمقدار 0,3 درجة مئوية مقارنة بالعام الماضي، إلا أن ذلك التحسن، وفق التقرير، لا يعكس تغيّراً فعلياً في الأداء البيئي، بل يعود جزئيًا إلى تعديلات حسابية وتعهدات لم تُنفذ بعد.
نسبة انخفاض لا تكفي
قدّر تقرير آخر للأمم المتحدة أن الانخفاض المتوقع في الانبعاثات خلال العقد المقبل لن يتجاوز 10% مقارنة بعام 2019، بينما يتطلب تحقيق هدف اتفاقية باريس خفضًا بنسبة 60%. ويُظهر هذا الفارق الكبير أن العالم لا يزال بعيداً عن المسار الآمن، وأن الخطط المناخية الوطنية ما زالت تفتقر إلى الطموح والالتزام الجدي بالتنفيذ.
تجاوز مؤقت وحلول محدودة
تبحث الأمم المتحدة في سيناريو يقبل بتجاوز مؤقت لحد 1,5 درجة مئوية، على أن يُعكس لاحقاً عبر خفض جذري للانبعاثات وامتصاص ثاني أكسيد الكربون باستخدام الغابات أو تقنيات احتجاز الكربون. لكن العلماء يحذرون من أن هذه الحلول لا تزال محدودة الفاعلية، وأن كل جزء من الدرجة الإضافية يعني مزيدًا من الكوارث البيئية وتقلص فرص بقاء النظم الطبيعية الحيوية.
التحذير المناخي الأخير ليس مجرد رقم في تقرير أممي، بل جرس إنذار للبشرية جمعاء. فالمهمة، كما قال غوتيريش، “بسيطة لكنها ليست سهلة”: إما أن نتحرك اليوم بخطط واقعية وملزمة، أو نواجه مستقبلًا تصبح فيه موجات الحر والفيضانات والعواصف القوية هي القاعدة لا الاستثناء. لقد حان وقت الفعل، قبل أن تتحول التحذيرات إلى واقع لا يمكن التراجع عنه.
“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”




