ترجمات نبضتقاريرنبض الساعةهيدلاينز

حين تلعب واشنطن وفق قواعد بكين

ترجمة – نبض الشام

واشنطن في مرآة بكين
بعد لقائه بالرئيس الصيني شي جين بينغ، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الحرب التجارية بوقف مؤقت للنار، لا باتفاق سلام اقتصادي. لكن خلف هذه الهدنة القصيرة، يبرز سؤال جوهري: هل باتت الولايات المتحدة تحارب الصين بتقليدها فسياسات ترامب في ولايته الثانية تكشف تحولاً خطيراً من الانفتاح إلى المركزية، ومن دعم الأسواق الحرة إلى التحكم المباشر بالدورة الاقتصادية.

من الابتكار إلى التخطيط المركزي
في سعيه لهزيمة الصين، تبنّى ترامب استراتيجيات صينية بامتياز: تقييد التجارة، توجيه سلاسل التوريد، تسييس الاستثمار، وتحويل الرسوم الجمركية إلى سلاح رئاسي. وبينما يرى البعض في ذلك “براعة تفاوضية”، يحذر الخبراء من أن أمريكا بهذا النهج تفقد مصدر قوتها: الحرية الاقتصادية والمنافسة المفتوحة.

الصين تفوز في ساحة الغموض
النظام الصيني، بطبيعته، مزوّد بأدوات الإكراه والسيطرة. فهو يستخدم العقوبات المبهمة، والتأخير الجمركي، والضغط غير المعلن على الشركات، في نموذج وصفه باحثون بأنه “الإكراه الهجين” — نظام مصمم لتكريس سلطة الدولة لا لسيادة القانون. وفي لعبة كهذه، تمتلك الصين الأفضلية لأنها لا تخضع لقيود الدستور أو المحاسبة الانتخابية.

ديمقراطية تقلّد الاستبداد؟
إذا جعلت واشنطن المنافسة اختباراً لمن يملك قبضة أقوى على الاقتصاد، فإنها ستخسر. فالصين تستطيع التحمل، أما أمريكا فبنيتها الديمقراطية لا تسمح بالقرارات الاعتباطية. القوة الأمريكية ليست في فرض السيطرة بل في إنتاج الأفكار.

خسائر في جنوب شرق آسيا
بينما تفرض واشنطن تعريفات جمركية على الحلفاء قبل الخصوم، تغتنم بكين الفرصة. ففي الوقت الذي غادر فيه ترامب قمة ماليزيا قبل بدئها، كانت الصين تُبرم اتفاقات تجارية وتموّل مشاريع بنية تحتية. والنتيجة؟ تسع دول من أصل عشر في جنوب شرق آسيا تميل اليوم أكثر إلى الصين.

الطريق إلى الفوز
تنتصر أمريكا حين تبني التحالفات لا الجدران. فعليها أن تستثمر في الاقتصاد المبتكر، وتعمّق شراكاتها الديمقراطية، وتحافظ على نظام مفتوح يجذب العقول لا يطردها. فالابتكار لا يولد في بيئة الخوف، بل في فضاء الحرية.

النصر لا يُستعار
الرهان على هزيمة الصين بتقليدها هو فخّ استراتيجي. إن تحويل الاقتصاد الأمريكي إلى مختبر للتجارب السياسية يقوّض أساسات قوته التاريخية. فأمريكا لا تربح حين تتشبه بالأنظمة المغلقة، بل حين تؤكد تفوق نموذجها المنفتح القائم على القانون والابتكار والتحالف. الطريق إلى النصر، ببساطة، هو أن تبقى أمريكا كما كانت — رائدة، منفتحة، ومبدعة.

المصدر
واشنطن بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى