تساؤلات مواطن حول رفع أسعار الكهرباء في سوريا
خاص – نبض الشام
مع دخول القرار الحكومي الجديد القاضي برفع أسعار الكهرباء حيّز التنفيذ من اليوم، تتزايد تساؤلات السوريين حول توقيت الخطوة وأهدافها الحقيقية. فبين حديث رسمي عن “إصلاح المنظومة” وواقع معيشي يزداد ضيقاً يوماً بعد يوم، يجد المواطن نفسه أمام معادلة قاسية: فواتير مضاعفة بلا تحسّن يُذكر في التغذية أو الخدمة.
تسعيرة جديدة.. أعباء تتضاعف
القرار الأخير حدّد أربع شرائح للأسعار، تبدأ بـ 600 ليرة سورية للكيلوواط للفئات ذات الدخل المحدود، وتصل إلى 1800 ليرة للفئات الصناعية ذات الاستهلاك العالي.
تُبرّر الحكومة السورية قرار رفع أسعار الكهرباء بأنه خطوة “ضرورية” لإصلاح المنظومة الكهربائية وتحسين استدامتها. وتقول الجهات الرسمية إن القطاع يعاني من خسائر سنوية ضخمة تُقدّر بمليارات الليرات نتيجة الفاقد الفني والتجاري وانخفاض التحصيل، وإن التسعيرة القديمة لم تعد تغطي حتى جزءًا من تكلفة الإنتاج والتوزيع. وترى الحكومة أن الزيادة ستسهم في تمويل عمليات الصيانة والتأهيل وتوسيع مشاريع التوليد الجديدة، ما يتيح مستقبلاً تحسين جودة الخدمة وتقليل الانقطاعات.
لكنّ هذه المبررات، على الرغم من تكرارها، لم تُقنع شريحة واسعة من السوريين الذين يربطون بين “الإصلاح الاقتصادي” وارتفاع الأعباء المعيشية من دون انعكاس فعلي على الواقع الخدمي.
كما أن الغالبية من السوريين يرون في هذه الزيادات عبئاً جديداً يُضاف إلى قائمة طويلة من التكاليف اليومية، خصوصاً مع بقاء الرواتب على حالها، وغلاء المعيشة الذي لم يهدأ منذ سنوات.
يقول مواطنون إن “الفاتورة المقبلة قد تلتهم ربع الراتب أو أكثر”، فيما يرى آخرون أن “البدائل كالألواح الشمسية ليست في متناول الفقراء أصلًا”.
وعود قديمة تتجدد… لكن الثقة غائبة
منذ سنوات، يسمع السوريون وعوداً بتحسين الكهرباء وزيادة ساعات التغذية، لكن الواقع لم يتبدّل إلا قليلًا. فالكثير من المناطق ما تزال تعيش على وقع التقنين الطويل، فيما لا تزال البنية التحتية منهكة بعد سنوات الحرب والإهمال.
ويرى مراقبون أن “رفع الأسعار دون تحسّن فعلي في الخدمة هو خطوة معاكسة لمبدأ العدالة الاجتماعية”، متسائلين عن مصير الوعود السابقة بزيادة الإنتاج وتحديث الشبكات.
أسئلة مشروعة عن الشفافية
الذاكرة السورية لا تنسى ما كان يحدث في العقود الماضية، حين كان كل رفع في سعر مادة أساسية يُثير الشكوك حول صفقات خفية ومصالح نافذة. اليوم، تتكرر الأسئلة:
هل يحمل رفع أسعار الكهرباء الحالي خلفه صفقات مشابهة؟ وهل ما زالت عقلية “الربح على حساب المواطن” تتحكم بقرارات الاقتصاد الوطني؟
أسئلة تتردّد في الشارع، خصوصاً بعد سقوط النظام السابق، إذ يأمل السوريون أن تكون مرحلة ما بعده مختلفة في النهج لا في الشعارات فقط.
الحلقة الأضعف
يبقى المواطن السوري هو الحلقة الأضعف في كل القرارات الاقتصادية. فبين عجزه عن تسديد الفواتير وعجز الحكومة عن تحسين الخدمة، يبدو أن “الإصلاح” الموعود ما يزال بعيد المنال.
وربما قبل أي زيادة جديدة، يحتاج السوريون إلى إجابة صريحة: هل حقاً الهدف هو إصلاح قطاع الكهرباء.. أم جباية جديدة تُضاف إلى سجل الأزمات؟.
“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”




