ترامب يشعل النار من جديد: تهديد حـ.ـمـ.ـاس والسلام المشروط
خاص – نبض الشام
في مشهد سياسي معقد تتقاطع فيه المصالح الإقليمية مع المواقف الدولية، يظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرة أخرى كوجه مثير للجدل بين خطاب يدّعي دعم السلام في الشرق الأوسط، وتصريحات نارية تحمل تهديداً واضحاً لحركة حماس في غزة. فبينما يتحدث ترامب عن “هدنة صلبة” وعن ضرورة إعادة الإعمار ووقف إطلاق النار، يلوّح في الوقت ذاته بإمكانية “القضاء على حماس فوراً” إذا لم “تتصرف بشكل جيد”، في تناقضٍ صارخٍ بين الخطاب الدبلوماسي والرغبة في فرض الهيمنة بالقوة.
بين الهدنة والتهديد
أشاد ترامب في تصريحاته الأخيرة بصلابة الهدنة بين إسرائيل وحماس، مؤكداً أنها ليست “هشة”، بل تمثل بداية لاستقرارٍ مؤقت في المنطقة. إلا أن هذا التأكيد لم يدم طويلاً، إذ عاد ليهدد حماس صراحة قائلاً إن بوسعه “نزع سلاحها بسرعة” إن اقتضت الضرورة، ما جعل خطابه يبدو وكأنه يحمل بيدٍ غصن الزيتون وبالأخرى سيف التهديد.
هذه الازدواجية ليست جديدة على السياسة الأميركية، لكنها في عهد ترامب تتخذ طابعاً أكثر وضوحاً. فهو يريد أن يظهر بمظهر صانع السلام، لكنه في الوقت نفسه لا يتردد في استخدام لغة القوة التي تناقض مبادئ التسوية السياسية التي يروّج لها.
تناقض آخر في المعادلة
من اللافت أن ترامب، الذي يُعرف بدعمه القوي لإسرائيل، لم يتردد هذه المرة في توجيه انتقاد محدود لنتنياهو قائلاً إن “بعض أفعاله لم تعجبه”، في إشارة إلى سياسات التوسع العسكري أو الإخفاق في إدارة الملف الفلسطيني. ومع ذلك، سرعان ما عاد ليصفه بأنه “رجل موهوب للغاية”، متعهداً بمساعدته في تجاوز ملاحقاته القانونية، مما يعكس من جديد طبيعة ترامب المتقلبة بين الموقف السياسي والحساب الشخصي.
خطة سلام أم وصاية دولية؟
طرحه لخطة من عشرين نقطة بشأن غزة، تتضمن نزع سلاح حماس وتسليم الإدارة إلى لجنة تكنوقراط بإشراف دولي، يثير تساؤلات حول مدى واقعية الحل الذي يقترحه. فهل يمكن لسلام يُفرض بالقوة أن يصمد؟ أم أن ما يقدمه ترامب ليس سوى نسخة محدثة من الوصاية الأميركية على القرار الفلسطيني؟
يبدو أن ترامب يسعى لتقديم نفسه كمهندسٍ لسلامٍ جديدٍ في الشرق الأوسط، لكنه في الحقيقة يرسم ملامح سياسة تقوم على التهديد أكثر من الحوار. إن الجمع بين لغة السلام ووعيد الحرب يجعل رسالته إلى المنطقة متناقضة وغير مقنعة، ويؤكد أن ما يُسمى بـ”الهدنة الصلبة” قد تكون في النهاية مجرد استراحة قصيرة قبل عاصفةٍ جديدة من التصعيد.
“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”




