ترجمات نبضتقاريرنبض الساعةهيدلاينز

ترامب بين بكين والرياض: “فن الممكن” يعيد رسم ملامح الشرق الأوسط

ترجمة – نبض الشام

ترامب يرسم حدود البراغماتية الجديدة
الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين لم تكن مجرد صفقة اقتصادية، بل مؤشراً على تحول في نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو “فن الممكن”، حيث يسعى لتحقيق المكاسب الواقعية بدلاً من الاصطدام بالقضايا المستعصية. ويبدو أن هذا النهج سيمتد من شرق آسيا إلى الشرق الأوسط، مروراً بالملفات السعودية والإسرائيلية والفلسطينية، في محاولة لتوظيف البراغماتية السياسية لإعادة رسم توازنات المنطقة.

هدنة محدودة.. ومكاسب متبادلة
اقتصرت التفاهمات الأخيرة بين ترامب وشي جين بينغ على ملف التجارة، وشملت تنازلات سرية متبادلة تُمكّن الطرفين من الادعاء بتحقيق النصر. لكنّ الزعيمين تجنبا القضايا السياسية الحساسة مثل تايوان والعلاقات الروسية والمنافسة في المحيط الهادئ. وبذلك، أظهر ترامب مرونة غير معهودة واستعداداً لقبول الممكن وتأجيل المستحيل.

من الصين إلى السعودية
يتوقع أن يطبّق ترامب الأسلوب ذاته في لقائه المرتقب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وربما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فالبيت الأبيض يربط بين رؤيته لغزة وتصوره الأشمل للشرق الأوسط عبر اتفاقات أبراهام، حيث يرى أن السعودية هي المفتاح العربي لإنجاحها، بينما تعتبر إدارته سوريا عنصراً محورياً في معادلة الأمن الإقليمي.

الرياض.. منصة التقارب والاستثمار
في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض، التقت السياسة بالاقتصاد. برزت العلاقات السعودية – الأمريكية الاستثمارية مع حضور رؤساء كبرى الشركات، وظهر نجم الذكاء الاصطناعي إلى جانب الرئيس السوري أحمد الشرع الذي أكد أن طريق انتعاش بلاده يمر عبر المملكة. تتقاطع هذه الرؤية مع استراتيجية ترامب الساعية لرفع العقوبات عن دمشق وإعادة إدماجها في النظام العربي لتكون توازناً إقليمياً في مواجهة إيران وتركيا.

تفاهمات سعودية – أمريكية بلا تطبيع
يُتوقع أن يتركز لقاء محمد بن سلمان وترامب على تعزيز التعاون الأمني والاستثماري، رغم الخلاف حول التطبيع مع إسرائيل. فالولايات المتحدة تصر على انضمام السعودية إلى اتفاقات أبراهام، بينما تتمسك الرياض بإقامة دولة فلسطينية كشرط مسبق لا تنازل عنه.

الملف الفلسطيني.. الخط الأحمر السعودي
تعتقد بعض دوائر واشنطن أن الموقف السعودي يمكن تجاوزه بـ”حلول مبتكرة”، إلا أن الرياض ثابتة في رؤيتها: لا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة. ويبدو هذا الموقف نابعاً من غضب شعبي ورسمي واسع تجاه سياسات حكومة نتنياهو في غزة، من مجازر وتجويع وتدمير، رغم الخلاف مع “حماس”.

ترامب و”فن الممكن” في الشرق الأوسط
يدرك ترامب أن عليه الفصل بين العلاقة الأمريكية – السعودية الحيوية وبين موقف الرياض من إسرائيل. فإذا استطاع إقناع نتنياهو بقبول حل الدولتين، فسيكون بذلك قد صنع تحولاً تاريخياً غير مسبوق في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. ويكمن “فن الممكن” بالنسبة له في الضغط الجاد على إسرائيل لقبول الدولة الفلسطينية، مع ضمان أمنها واستمرار التحالف الاستراتيجي، وهو نهج قد يعيد واشنطن إلى موقع الوسيط العادل.

الممكن في يد ترامب
يبقى “فن الممكن” مرهوناً بقدرة ترامب على كسر التابوهات السياسية وصياغة مقاربة جديدة لا تقوم على الإملاء بل على البراغماتية الواقعية. فإن نجح في تحقيق توازن بين العدالة للفلسطينيين وأمن إسرائيل، وبين الشراكة مع السعودية والانفتاح على سوريا، فسيكون قد أرسى نظاماً شرق أوسطياً جديداً يعيد للولايات المتحدة دورها القيادي بطرق غير تقليدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى