خارج الصندوقخفايا وكواليسنبض الساعةهيدلاينز

بين فنزويلا وأمريكا.. ماذا يحدث في نصف الكرة الأرضية الغربي؟

خاص – نبض الشام

تشهد منطقة الكاريبي توتراً متصاعداً يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، إذ  تتقاطع المصالح بين واشنطن وحلفائها من جهة، ومحور موسكو وبكين وطهران من جهة أخرى. وبينما تتزايد التحركات العسكرية الأمريكية قرب السواحل الفنزويلية، يسعى الرئيس نيكولاس مادورو إلى تحصين نظامه عبر طلب دعم من القوى المناوئة للولايات المتحدة. في المقابل، ينفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أي نية لشن عمليات عسكرية ضد كاراكاس، مكتفيا بالقول إن الإجراءات المتخذة تأتي في إطار “حماية الأمن الإقليمي” ومحاربة شبكات الجريمة المنظمة.

نفي وتصعيد
تصريحات ترامب الأخيرة جاءت لتخفيف حدة التكهنات حول نية الولايات المتحدة تنفيذ ضربات ضد فنزويلا، بعدما تداولت وسائل إعلام تقارير تشير إلى خطط عسكرية محتملة. إلا أن النفي لم يكن كافيا لتبديد المخاوف، خصوصا في ظل اعتراف ترامب بتفويض عمليات سرية لوكالة الاستخبارات المركزية داخل الأراضي الفنزويلية. كما أن الحشد العسكري الأمريكي في مياه الكاريبي أثار قلق كاراكاس، التي ترى في تلك التحركات محاولة لتقويض نظامها وإعادة رسم التوازن في المنطقة.

واشنطن تبرر وجودها العسكري بأنه يهدف إلى مكافحة شبكات تهريب المخدرات التي تقول إنها تموّل “منظمات إرهابية”، بينما يصف مادورو تلك التحركات بأنها غطاء لمحاولة انقلابية. هذا التناقض يعكس عمق الأزمة بين البلدين، ويكشف في الوقت نفسه هشاشة الموقف الأمريكي الذي يسعى إلى الضغط دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة قد تثير ردود فعل دولية واسعة.

حصار ورهان
في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة والعقوبات التي شلّت قطاعات النفط والطاقة، اتجه مادورو إلى تعزيز تحالفاته مع روسيا والصين وإيران. وبحسب ما نشرته صحيفة واشنطن بوست، فإن الرئيس الفنزويلي طلب من هذه الدول رادارات دفاعية وصواريخ متطورة وطائرات مسيرة لمواجهة ما وصفه بالتصعيد الأمريكي. وتشير الوثائق إلى مراسلات مباشرة مع فلاديمير بوتين وشي جين بينغ، إضافة إلى تنسيق مع طهران لتزويد فنزويلا بتقنيات عسكرية متقدمة تشمل أجهزة تشويش وقوارب مسيّرة.

ورغم أن موسكو لا تزال الحليف الأبرز لكاراكاس، فإن انشغالها بالحرب في أوكرانيا قلّل من اهتمامها المباشر بفنزويلا. الدعم الروسي اليوم يبدو محصورا في مجالات الصيانة والتعاون النفطي، إذ تملك الشركات الروسية نحو أحد عشر في المئة من إنتاج النفط الفنزويلي، دون مؤشرات على استعداد الكرملين للتدخل العسكري المباشر.

خفايا المشهد
خلف هذا التوتر تخفي الكاريبي صراعا أوسع على النفوذ في نصف الكرة الأرضية الغربي. واشنطن تسعى لمنع تمدد الخصوم الجيوسياسيين قرب حدودها الجنوبية، فيما يستخدم مادورو الورقة العسكرية لكسب الوقت وإعادة تثبيت شرعيته الداخلية. أما القوى الكبرى مثل روسيا والصين، فتتعامل مع الأزمة كفرصة لتوسيع نفوذها في منطقة لطالما كانت تحت المظلة الأمريكية.

تبدو الأحداث الحالية في الكاريبي، مرآة لتبدل موازين القوة في العالم. فبين نفي ترامب المتكرر لأي عمل عسكري وبين محاولات مادورو استدعاء الحلفاء، تبقى المنطقة على صفيح ساخن. التوتر الحالي قد لا يتحول إلى حرب مفتوحة، لكنه يكشف عن سباق خفي على النفوذ والثروات في واحدة من أكثر المناطق حساسية في النصف الغربي من العالم، إذ لا يزال شبح المواجهة الكبرى يلوح في الأفق وإنْ بصمت.

“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى