خارج الصندوقخفايا وكواليسنبض الساعةهيدلاينز

بين السلاح والسلام: مهمة أورتاغوس تُعيد خلط أوراق لبنان وإسرائيل

خاص – نبض الشام

سلامٌ مؤجل وسلاحٌ حاضر
تثير عودة المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس إلى بيروت، وتفعيل عمل اللجنة الخماسية المعروفة بـ”الميكانيزم”، تساؤلات حادة حول أهداف التحرك الأمريكي الجديد في لبنان. فبين من يراه سعياً حقيقياً لمنع اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل، ومن يعتبره محاولةً لنزع سلاح حزب الله تحت غطاء “السلام”، يبدو الملف اللبناني أمام مرحلة دقيقة تُعيد رسم ملامح العلاقة بين واشنطن وبيروت، وتضع الدولة اللبنانية أمام امتحان وطني وسيادي حرج.

مهمة أورتاغوس بين السلام ونزع السلاح
تسعى واشنطن، عبر مبعوثتها، إلى إعادة تحريك آليات اللجنة الخماسية من أجل تجنّب مواجهة عسكرية بين إسرائيل ولبنان. غير أن السؤال الأبرز يبقى: هل الهدف هو بناء سلام دائم أم نزع سلاح حزب الله؟ الخبراء يجزمون بأن نزع السلاح هو المدخل الإلزامي لأي اتفاق سلام، مؤكدين أنه لا يمكن تحقيق استقرار طالما هناك “دويلة داخل الدولة” أو استمرار للاعتداءات الإسرائيلية. ويشدّدون على ضرورة موقف وطني موحّد يمنح الدولة اللبنانية قوة تفاوضية حقيقية.

تعديل مهام اللجنة الخماسية
تتجه الأنظار إلى احتمال توسيع صلاحيات اللجنة الخماسية لتشمل دبلوماسيين ومدنيين إلى جانب العسكريين، بما يتيح تنشيط المسار السياسي الموازي للبحث الأمني. كما تُطرح تساؤلات حول إمكانية الانتقال من مفاوضات غير مباشرة إلى اتصالات مباشرة بين بيروت وتل أبيب، وهو تحول حساس يثير انقساماً داخلياً حول مخاطره وفرصه.

رؤية واشنطن: نزع السلاح طريق إلى السلام
يؤكد المحلل السياسي اللبناني علي حمادة أن مهمة أورتاغوس واضحة: معالجة ملفين مترابطين هما السلاح والسلام. فواشنطن ترى أن وجود قوة مسلّحة تابعة لإيران في لبنان، تحت اسم حزب الله، يمنع أي فرصة حقيقية لتسوية النزاعات مع إسرائيل. ويشير حمادة إلى أن نزع السلاح هو الخطوة الأولى نحو السلام، وأن استمرار امتلاك حزب الله لترسانته يمنع أي تقدم سياسي أو انفتاح لبناني على المجتمعين العربي والدولي. كما يربط بين الاستقرار الداخلي والقدرة على ضبط السلاح باعتباره مفتاح العيش المشترك بين مكونات البلاد.

أزمة الثقة مع حزب الله
من جهته، يلفت الباحث في العلاقات الدولية الدكتور زياد ضاهر إلى أن حزب الله يسعى دائماً إلى أن يكون هو المفاوض الحقيقي مع إسرائيل، ولو من وراء الكواليس. ويشير إلى أن الوقائع أثبتت أن الجماعة لم تلتزم عملياً باتفاقات وقف إطلاق النار ولا بوعود تسليم السلاح. ويرى ضاهر أن غياب الثقة في أداء الحزب يُضعف الموقف الرسمي اللبناني في أي مفاوضات، مشيراً إلى أن استمرار هيمنة حزب الله على القرار الأمني يُحرج الدولة ويُفقدها مصداقيتها أمام المجتمع الدولي.

لبنان في قلب عواصف الإقليم
يربط ضاهر ما يجري في لبنان بالأزمات الممتدة في غزة وسوريا والعراق واليمن، معتبراً أن حزب الله أسهم في إدخال لبنان إلى قلب الصراعات الإقليمية بدعم مباشر من إيران، وهو ما جعل البلد عرضة لتداعيات “حروب الإسناد” التي تخدم طهران أكثر مما تحمي مصالح بيروت. ويؤكد أن لبنان اليوم أمام اختبار سيادي حاسم: إما أن تفرض الدولة كلمتها وتستعيد قرارها، أو تبقى رهينة لصراعات الآخرين التي تهدد استقراره ومستقبله.

بين الحرب والسلام… الخيار لبيروت
تتجاوز مهمة أورتاغوس حدود الدبلوماسية التقليدية لتضع لبنان أمام معادلة مصيرية: لا سلام مع السلاح، ولا استقرار بلا دولة قوية. وبين من يرى في التحرك الأمريكي فرصة لتثبيت الهدوء، ومن يخشى أن يكون مقدمةً لنزع سلاح حزب الله دون ضمانات سياسية، يبقى مستقبل الجبهة اللبنانية رهناً بقدرة الدولة على الإمساك بزمام المبادرة واتخاذ قرارٍ وطني جامع يوازن بين السيادة والأمن والسلام.

“متابعة أسرة تحرير نبض الشام”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى