
يختلف تأثير اللعب الجسدي عن الألعاب الإلكترونية بشكل واضح، سواء من حيث الفوائد الصحية أو الانعكاسات الاجتماعية والسلوكية.
فبينما يعزز النشاط البدني سرعة الاستجابة وصحة القلب والأوعية الدموية، تسهم الألعاب الإلكترونية في تنمية بعض القدرات الإدراكية والمعرفية، لكنها في المقابل تحمل مخاطر في حال الإفراط في ممارستها.
وفي ظل التحول الرقمي السريع الذي يشهده العالم، بات الأطفال يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات، منغمسين في الألعاب الإلكترونية مفضلينها على اللعب الجسدي أحيانا.
وبينما يرى البعض في هذا النوع من اللعب وسيلة لتنمية القدرات العقلية، يحذر آخرون من آثاره السلبية على صحة الأطفال الجسدية والنفسية. فكيف يؤثر كل من اللعب الإلكتروني والجسدي على دماغ الطفل؟
الألعاب الإلكترونية.. تحفيز ذهني ومخاطر خفية
تشير دراسات حديثة إلى أن ممارسة الألعاب الإلكترونية باعتدال يمكن أن تحسن بعض القدرات المعرفية لدى الأطفال، مثل الذاكرة العاملة والتحكم في الاندفاع، كما تسهم في تطوير مهارات اجتماعية كالتعاون والتواصل، خاصة في الألعاب الجماعية.
لكنّ الإفراط في اللعب يحوّل هذه الفوائد إلى مخاطر حقيقية، إذ يمكن أن يضعف التركيز والانتباه لدى الطفل ويؤثر على تحصيله الدراسي.
كما ترتبط ساعات الجلوس الطويلة أمام الشاشات بمشاكل صحية مثل السمنة وضعف البصر. وإلى جانب ذلك، قد يؤدي الانغماس المفرط في الألعاب إلى ما يعرف بـ”الإدمان الرقمي”، وهو حالة يصبح فيها الطفل غير قادر على التوقف عن اللعب، مما يقلل من تفاعله الاجتماعي ونشاطه البدني.
اللعب الجسدي.. طاقة إيجابية ونمو متكامل
في المقابل، يظل اللعب الجسدي كالجري، وركوب الدراجات، أو ممارسة الألعاب الرياضية أحد أهم ركائز النمو السليم للطفل. فهو لا يطور فقط المهارات الحركية والتنسيق بين اليد والعين، بل يعزز أيضًا صحة القلب والعظام، ويقلل من مخاطر الأمراض المرتبطة بالخمول.
كما أن اللعب الجسدي يشكل مساحة للتفاعل الاجتماعي، إذ يساعد الأطفال على تعلم مهارات التواصل والعمل الجماعي وحل النزاعات بطريقة صحية. ومع ذلك، لا يخلو من بعض السلبيات، مثل احتمالية التعرض لإصابات جسدية أو الإجهاد الزائد، إضافة إلى التوتر الناتج عن المنافسة في بعض الألعاب.
التوازن هو المفتاح
ينصح خبراء الصحة الآباء بعدم منع أي نوع من اللعب، بل بخلق توازن صحي بين النشاطين. فمن الأفضل تحديد أوقات محدودة للألعاب الإلكترونية، وتشجيع الأطفال على الأنشطة الخارجية كالمشي والسباحة، مع ضرورة مراقبة المحتوى الذي يتعرضون له عبر الأجهزة الذكية.
كما يُستحسن مشاركة الأهل في اللعب، سواء الرقمي أو الجسدي، لما لذلك من أثر إيجابي على العلاقة العاطفية مع الطفل.




