ترجمات نبضتقاريرنبض الساعةهيدلاينز

القرصنة باسم الأمن القومي: كيف تشن واشنطن حرباً بحرية بلا تفويض؟

ترجمة – نبض الشام

مواجهة جديدة على أمواج القانون الدولي
في تصعيد مثير للجدل، تحوّلت مياه البحر الكاريبي والمحيط الهادئ إلى مسرحٍ لضربات أمريكية تُبرّرها واشنطن بمكافحة المخدرات، بينما يصفها خبراء القانون الدولي بأنها قرصنة دولة. فقد أعلنت إدارة ترامب تنفيذ سلسلة هجمات جوية ضد سفن مدنية يُشتبه بأنها تحمل مخدرات، ما أسفر عن مقتل العشرات، في وقتٍ يتصاعد فيه الجدل حول شرعية هذه العمليات وأهدافها الخفية.

ضربات بلا قانون
في أحدث حلقات هذه العمليات، كشفت وزارة الدفاع الأمريكية عن استهداف أربع سفن في المحيط الهادئ الشرقي، أسفر عن مقتل 14 شخصاً. وبهذا، يرتفع عدد القتلى في هذه الهجمات إلى عشرات الأشخاص في ما لا يقل عن عشر عمليات منفصلة حول الكاريبي.
وبينما أكد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسِث أن “تجار المخدرات هؤلاء قتلوا من الأمريكيين أكثر من القاعدة وسيُعاملون بالمثل”، فإن تصريحه فتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول من المستهدف فعلاً، وهل كانت تلك السفن تحمل مخدرات قاتلة أم مواد أقل خطراً، وما إذا كانت متجهة إلى الولايات المتحدة أم إلى دول أخرى.

قانونية مشكوك فيها
لم تُقدّم الإدارة الأمريكية أدلة علنية تدعم روايتها، مما يثير شكوكاً حول قانونية هذه الغارات. فالقوات الأمريكية تستهدف سفناً مدنية لا تمثل تهديداً مباشراً، ولم تزعم واشنطن أنها كانت عاجزة عن القبض على طواقمها أحياء.
ويشير محللون إلى أن توسيع نطاق العمليات بهذه الطريقة يعكس انزلاقاً خطيراً نحو عسكرة سياسات مكافحة المخدرات، بما يتجاوز الصلاحيات التي منحها الكونغرس.

تصنيفات “الإرهاب” كذريعة
صحيح أن البيت الأبيض يمتلك صلاحية تصنيف بعض العصابات اللاتينية كـ “منظمات إرهابية أجنبية”، لكن هذا التصنيف صُمم أصلاً لفرض عقوبات مالية وليس لتبرير القتل الفوري للمشتبه بهم.
وفي حالات نادرة، أعادت واشنطن ناجين من هجماتها إلى بلدانهم، كما حدث مؤخراً مع شخصين نجيا من إحدى الغارات، بينما أطلقت السلطات المكسيكية عملية إنقاذ لأحد الناجين من القصف الأخير.

حرب بلا تفويض
يشير مراقبون إلى أن ترامب لم يطلب تفويضاً من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية ضد مهربي المخدرات، خلافاً لما حدث بعد هجمات 11 سبتمبر حين أُقرّ قانون يتيح ضرب تنظيم القاعدة. ويرى هؤلاء أن هذا التجاوز يعكس رغبة في استعراض القوة أكثر من حماية الأمن القومي، خصوصاً وأن العمليات تُقدَّم إعلامياً في مشاهد مثيرة تناسب منصات التواصل الاجتماعي.

بين الأمن والقرصنة
ما يجري في الكاريبي اليوم ليس مجرد “حرب على المخدرات”، بل حرب على القانون ذاته. فحين تتحول السماء إلى ساحة إعدام، وتُستبدل المحاكم بالقنابل، يصبح السؤال الملح: من يحاسب القراصنة عندما يكونون دولة؟

المصدر
واشنطن بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى