ترجمات نبضتقاريرنبض الساعةهيدلاينز

الرئيس السوري يعلنها: إعادة الإعمار بالاستثمار لا بالمساعدات

ترجمة – نبض الشام

سوريا بين الماضي والمستقبل الاستثماري
تفتح سوريا فصلاً جديداً في تاريخها بعد عقود من الاعتماد الخارجي، إذ تتجه اليوم نحو إعادة بناء ذاتية مدعومة بالاستثمار لا بالمساعدات. ففي ظل انحسار نفوذ القوى الأجنبية وتراجع دور الدعم العسكري، يسعى الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى إرساء نموذج اقتصادي مستقل يضع السوريين في موقع الفاعلين لا المتلقين. زيارة الشرع إلى الرياض ومشاركته في قمة “مبادرة مستقبل الاستثمار” كانت علامة فارقة على تحول جذري في نهج دمشق الاقتصادي والسياسي.

من التبعية السوفييتية إلى البحث عن استقلال اقتصادي
على مدى عقود، اعتمدت دمشق على الاتحاد السوفييتي في مجالات التسليح والطاقة والبنية التحتية. فمشاريع كبرى مثل سدّ الطبقة وُلدت بفضل القروض والخبرة السوفييتية، وتلقّى ضباط ومعلمون سوريون تدريبهم في الأكاديميات الروسية. لكن بعد انهيار الشيوعية، استمر الاعتماد الخارجي بأشكال جديدة، خصوصاً خلال الحرب الأهلية، حين تحولت روسيا وإيران إلى الداعم الأمني الرئيسي للنظام السوري بقيادة بشار الأسد، في تجسيد واضح لنقص استقلال القرار الوطني.

تحول دراماتيكي في الرياض
في مشهد رمزي غير مسبوق، ظهر أحمد الشرع، قائد المعارضة السابق والرئيس الانتقالي الحالي، بين قادة السياسة والمال في قمة مستقبل الاستثمار بالرياض، ليعلن أن بلاده جذبت 28 مليار دولار من الاستثمارات منذ سقوط حكومة الأسد.
وقال الشرع بوضوح: “اخترنا إعادة الإعمار عبر الاستثمار، لا عبر المساعدات. لا نريد أن تكون سوريا عبئاً على أحد، بل نريد أن نبنيها بأيدينا”. هذا الخطاب مثّل تحولاً جذرياً في الذهنية السورية، من عقلية الاتكال إلى عقلية الإنتاج والمبادرة.

الاستثمار بديلاً للمساعدات
يراهن الشرع على تحويل علاقات سوريا مع المستثمرين الحكوميين والقطاع الخاص إلى أدوات تمويل قادرة على تمكين السوريين من إعادة بناء بلدهم بأنفسهم. ويرى محللون أن هذا النهج الجديد قد يُنهي دورة الاعتماد الطويلة على الخارج، ويعيد لسوريا سيادتها الاقتصادية والسياسية، ما يشكل خطوة مهمة للمنطقة بأسرها.

دعم دولي موجّه بلا وصاية
في المقابل، يبرز دور الدعم الخارجي المنضبط كمساند لجهود الاستقلال. ففي مايو الماضي، أعلن البنك الدولي أن الديون السورية البالغة 15.5 مليون دولار سُددت بمساعدة سعودية وقطرية، مما أتاح لدمشق التقدم بطلبات للحصول على منح تنموية. ويعد هذا نموذجاً عملياً للمساعدة التي تفتح الطريق أمام التجديد الوطني دون فرض وصاية سياسية.

تحديات الأمن والمال
لكن الطريق ليس سهلاً. فإلى جانب تحديات إعادة الإعمار، تواجه سوريا قطاعاً مصرفياً هشاً ومخاطر تتعلق بالامتثال المالي. كما ما تزال الملفات الأمنية تشكل تهديداً مباشراً، إذ شهدت البلاد حادثة دامية الأسبوع الماضي عندما قُتل اثنان من أبناء الطائفة الدرزية على طريق دمشق، في هجوم قوّض اتفاقاً بوساطة أمريكية لحماية الأقلية الدرزية وتعزيز الثقة مع الحكومة المركزية.

نحو شرق أوسط جديد
ما حدث في الرياض هذا الأسبوع ليس مجرد حضور سياسي، بل إعلان ميلاد سوريا جديدة تسعى إلى إعادة صياغة علاقاتها مع العالم على أساس الشراكة لا التبعية. وإذا استطاعت دمشق تجاوز أخطاء الماضي، فقد تصبح خلال السنوات المقبلة ركيزة أساسية في شرق أوسط متغير تسوده مبادئ التعاون والاستقلال الاقتصادي.

المصدر
thenationalnews

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى